تاج منظور
التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط
ژانرونه
فأياك وفضول النظر فإنه يزرع الشهوة، والاستماع فإنه يهيج الخواطر، والكلام يقع في القلب موقع الطعام في المعدة، فمنه الضار، ومنه النافع، ومنه الغذاء، ومنه السم؛ [76] وقد يزول الطعام عنها ويبقى الكلام في القلب مدة العمر، فإن كان سيئا أتعبه وأورث القلب وساوس رديئة يحتاج إلى أن يعرض عن تذكرها ويستعيد من شرها، وإلا فلا يأمن أن توقعه في آفة. ولابد من حفظ اللسان، لأنه أشد الأعضاء طغيانا، والنفس تحتمل الصوم في الحر، لا ترك كلمة فيما لا يعنيها.
الباب الثالث والعشرون
في أعمال القلب
فإن آفاته أربعة: الأمل، والعجلة، والكبر، والحسد؛ فمن طول الأمل ترك الطاعة والكسل فيها، فالأمل قاطع عن كل خير، والطمع مانع من كل حق، والصبر صائر إلى كل ظفر، والنفس داعية إلى كل شر، ومنه التسويف في التوبة، وابتداء الحرص، والقسوة في القلب، والفتور عن العبادة، والنسيان للآخرة.
ومن الحسد إفساد الطاعات، والقياد إلى المعاصي، وتوريث الغم، وعمى القلب عن فهم الحكمة.
ومن العجلة المبادرة إلى نيل منزلة قبل وقتها، فربما يحرم منها بها، والإياس والفتور من الاجتهاد في نيلها، فيعقبه الحرمان منها، والغلو في الأتعاب المؤدي إلى الانقطاع عن نيلها، فالعبد بين إفراط وتفريط بالاستعجال؛ وقد روي: ((إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى)).
وربما أكثر الدعاء في حاجة فيستعجل الإجابة قبل وقتها فيسأم ويتركه فيحرم منها. ومن العجلة أن يظلم فيعجل بالدعاء على من ظلمه فيهلك به، قال الله سبحانه: {ويدعو الانسان بالشر} الآية (سورة الإسراء: 11)، فمن لم يتأن في الأمور ولم يتوقف فيها، فإنه في الغالب يزل.
مخ ۱۴۴