176

تحویلات منهټن

تحويلة مانهاتن

ژانرونه

تمنى جو وسكيني أن يرحل الرجل ذو اللحية الشبيهة بفرشاة تنظيف الزجاجات والذي كان يقف عند معسكرهما يغمغم ويصرخ. لم يعرفا ما إذا كان يتحدث إليهما أم إلى نفسه. تظاهرا أنه لم يكن هناك وواصلا بتوتر تحضير قطعة من لحم الخنزير للشواء على مشواة مصنوعة من إطار مظلة قديمة. أسفلهما ووراء الشريط الأخضر ذي المسحة الكبريتية للأشجار النامية كانت مياه نهر هدسون تتحول إلى اللون الفضي في ضوء المساء والحاجز الأبيض لمنازل مانهاتن العلوية.

همس جو، مشيرا بحركة سريعة ملتوية حول أذنه: «لا تقل شيئا. إنه مجنون.»

كان سكيني قد أصابته القشعريرة أسفل ظهره، وشعر بأن شفتيه تزداد برودة، فأراد أن يركض.

هكذا قال الرجل فجأة: «أهذا لحم خنزير؟» بصوت خرخرة يتسم بالعطف.

قال جو مرتجفا بعدما توقف قليلا: «نعم.» «ألا تعلمان أن الرب الإله نهى أبناءه عن أكل لحم الخنزير؟» رجع صوته إلى غنائها المغمغم الصارخ. «جبرائيل، الأخ جبرائيل ... أمن الصواب أن يأكل هؤلاء الأبناء لحم الخنزير؟ ... بالطبع. الملك جبرائيل، إنه صديق مقرب لي، انظرا، لقد قال إنه لا بأس هذه المرة إن لم تفعلا ذلك مرة أخرى ... انتبه يا أخي، ستحرقه.» كان سكيني قد نهض واقفا على قدميه. «اجلس يا أخي. لن أوذيك. أنا أفهم يا أبناء. إننا نحب الأبناء أنا والرب الإله ... أنتما تخافان مني لأنني مشرد، أليس كذلك؟ حسنا، دعاني أخبركما بشيء، لا تخافا أبدا من المشردين. المشردون لن يؤذوكما، إنهم أشخاص طيبون. الرب الإله كان مشردا عندما عاش على الأرض. يقول صديقي الملاك جبرائيل إنه عاش حياة المشردين كثيرا ... انظرا لقد أحضرت بعض الدجاج المقلي وأعطتني امرأة عجوز ملونة ... يا ربي!» جلس متأوها على صخرة بجانب الصبيين.

قال جو، وهو يؤدي بعض تمارين الإحماء: «كنا سنلعب دور الهنود الحمر، ولكن الآن أظن أننا سنلعب دور المشردين.» أحضر المشرد حزمة صحف من جيب معطفه غير محدد المعالم والذي خضرته عوامل الطقس، وبدأ يفكها بحرص. بدأت الرائحة الطيبة تأتي من لحم الخنزير. عاد سكيني للجلوس، ولا يزال يبتعد قدر المستطاع دون أن يفوته شيء. قسم المشرد دجاجته عليهم وبدءوا في تناول الطعام معا. «جبرائيل أيها الكشافة الهرم، هلا نظرت إلى ذلك؟» شرع المشرد في صراخه الغنائي الذي جعل الصبيين يشعران بالخوف مجددا. كان الظلام على وشك أن يحل. وكان المشرد يصرخ وفمه ممتلئ بالطعام مشيرا بعصا طبل نحو الأضواء الوامضة على شكل رقعة شطرنج، المتواصلة في طريق ريفرسايد درايف. «يا إلهي، اجلس هنا دقيقة وانظر إليها يا جبرائيل ... انظر إلى العاهرة العجوز إن لم تكن تمانعني في التعبير. التأمين ضد الزلازل، يا إلهي إنهم بحاجة إليه أليس كذلك؟ هل تعلمان كم من الوقت استغرقه الإله في تدمير برج بابل يا رفيقي؟ سبع دقائق. هل تعلمان كم من الوقت استغرقه الرب الإله في تدمير بابل ونينوى؟ سبع دقائق. الشر في مربع سكني واحد في مدينة نيويورك أكثر بكثير مما كان في ميل مربع في نينوى، وكم من الوقت تظنان أن الرب إله السبت اليهودي سيستغرق في تدمير مدينة نيويورك وبروكلين وبرونكس؟ سبع ثوان. سبع ثوان ... قل لي أيها الطفل، ما اسمك؟» خفض صوته إلى صوت الخرخرة المنخفض ومر على جو بعصا طبلته. «جوزيف كاميرون باركر ... نعيش في يونيون سكوير.» «وما اسمك أنت؟» «أنطونيو كاميرون ... ويناديني أصدقائي سكيني. هذا هو قريبي. ولكن أهله غيروا اسمهم إلى باركر، أترى؟» «تغيير اسمك لن يفيد ... لقد سجلوا جميع الأسماء المستعارة في كتاب الدينونة ... والحق أقول لكما إن يوم الرب قد اقترب ... بالأمس فقط قال لي جبرائيل: «حسنا يا يونان، هل ندعها تنشق؟» وقلت له: «جبرائيل أيها الكشافة الهرم، فكر في النساء والأطفال والرضع الصغار الأبرياء. إن زلزلتها بزلزال ونار وكبريت من السماء فسيقتلون جميعا حالهم كحال الأغنياء والمذنبين»، وقال لي: «حسنا أيها الحصان الهرم يونان، افعل ما يحلو لك ... سنمنحهم مهلة أسبوعا أو أسبوعين.» ... ولكن من المروع التفكير في الأمر، أيها الرفيقان، النار والكبريت والزلزال وموجة المد وتحطم البنايات الطويلة بعضها في بعض.»

صفع جو سكيني فجأة على ظهره. وقال هاربا: «إنه دورك.» تبعه سكيني متعثرا على طول الطريق الضيق وسط الشجيرات. لحقه على الأسفلت. «يا إلهي، هذا الرجل مجنون.»

قاطعه جو: «اصمت، ألا تستطيع؟» كان يختلس النظر إلى الوراء عبر الشجيرات. كانت رؤية الدخان الرقيق المنبعث من النار الصغيرة التي أشعلاها أمام صفحة السماء؛ لا تزال بإمكانهما. أصبح المشرد بعيدا عن الأنظار. وكل ما كان بمقدورهما سماعه هو صوته المنادي: «جبرائيل، جبرائيل.» ركضا لاهثين نحو المصابيح القوسية الآمنة ذات المسافات المتباعدة بانتظام ونحو الشارع . •••

ابتعد جيمي هيرف من أمام الشاحنة؛ إذ كان رفرف السيارة قد لامس لتوه أسفل واقي المطر الذي كان يرتديه. وقف لحظة خلف محطة القطارات السريعة بينما كانت الرقاقة الثلجية تذوب عن عموده الفقري. انفتح فجأة أمامه باب سيارة ليموزين وسمع صوتا مألوفا لم يستطع التعرف عليه. «تعال يا سيد هيرف ... هل يمكنني اصطحابك إلى مكان ما؟» عندما دخل دون تفكير، لاحظ أنه ركب سيارة رولز رويس.

كان الرجل البدين ذو الوجه الأحمر والقبعة الدربية هو كونغو. «اجلس يا سيد هيرف ... إنني سعيد جدا برؤيتك. إلى أين كنت ذاهبا؟» «لم أكن في طريقي لأي مكان بعينه.» «تعال إلى المنزل، أريد أن أريك شيئا. كيف حالك اليوم؟» «أوه جيد؛ كلا أعني أنني في فوضى عفنة، ولكن كلا الأمرين سواء.» «غدا، قد أكون في السجن ... ستة أشهر ... ولكن ربما لا.» ضحك كونغو من حلقه ومد بحرص ساقه الاصطناعية. «إذن لقد تمكنوا منك أخيرا يا كونغو، أليس كذلك؟» «إنها مؤامرة ... ولكن لم يعد اسمي كونغو جايك يا سيد هيرف. نادني أرماند. أنا متزوج الآن، واسمي أرماند دوفال، وأعيش في بارك أفينيو.» «ماذا عن مركيز بلدية كولوماريس؟» «ذلك لأغراض العمل فحسب.» «إذن تبدو الأمور جيدة تماما، أليس كذلك؟»

ناپیژندل شوی مخ