صرخ: «كلا، دعينا نتحدث عن سعادتنا.»
ضغط على شفتيه بعناد موجها إياهما إلى شفتيها. وخلف الزجاج المهتز لنافذة سيارة الأجرة، كشخص يغرق، رأت من زاوية عينها وجوها تدور، وأضواء الشوارع، وعجلات مسرعة ذات وميض كوميض النيكل. •••
يجلس الرجل الهرم ذو القبعة ذات النقشة المربعة على منحدر الحجر الأسمر الرملي ووجهه في يديه. ومع وهج برودواي في ظهورهم، ثمة سيل لا ينقطع من الأشخاص المارين به في الشارع باتجاه المسرح. يبكي الرجل الهرم من بين أصابعه وتفوح منه رائحة شراب الجن الكريهة. من حين لآخر يرفع رأسه ويصرخ بصوت أجش: «لا أستطيع، ألا ترى، لا أستطيع؟» يبدو الصوت غير بشري كما لو كان صوت تصدع في لوح خشبي. أسرعت الخطى. ينظر الأشخاص في منتصف العمر في الاتجاه الآخر. وتجلجل فتاتان بالضحك عندما يرونه. ويحدق أطفال الشوارع المتدافعون داخلين وخارجين في الحشد المظلم. «شراب بام هوتش.» «سينال ما يستحق عندما يمر الشرطي في المربع السكني.» «حظر الخمور.» يرفع الرجل الهرم وجهه المبلل من بين يديه، محدقا بعينيه الداميتين الضريرتين. يتراجع الناس ويخطون على أقدام من وراءهم. وكالخشب المتشقق يخرج صوته. «ألا ترى أنني لا أستطيع؟ ... لا أستطيع ... لا أستطيع.» •••
عندما سقطت أليس شيفيلد وسط تدفق النساء الداخلات عبر أبواب متجر لورد آند تيلور وشعرت باقتراب رائحة الأشياء في فتحتي أنفها، أخذ شيء ينقر في رأسها. ذهبت أولا إلى منضدة بيع القفازات. كانت الفتاة صغيرة للغاية، وكانت لها رموش سوداء طويلة منحنية وابتسامة جميلة، وتحدثتا عن تموجات الشعر الدائمة، بينما قاست أليس قفازا رماديا من جلد الماعز، وآخر أبيض بحافة صغيرة كقفاز مصفح. وقبل القياس، وضعت الفتاة بلباقة البودرة داخل كل قفاز من رجاج خشبي طويل العنق. طلبت أليس ستة أزواج. «نعم. السيدة روي شيفيلد ... نعم لدي حساب جار، ها هي بطاقتي ... سترسل لي الكثير من الأشياء.» وكانت تقول لنفسها طوال هذا الوقت: «من السخف أن أرتدي الرث من الثياب طوال الشتاء ... عندما ترسل الفاتورة، سيضطر روي أن يجد طريقة لدفعها، هكذا ببساطة. حان الوقت لأن يتوقف عن أحلام اليقظة على أي حال. لقد دفعت له الفواتير بما فيه الكفاية عندما كان معي المال، يعلم الرب ذلك.» ثم بدأت تنظر إلى الجوارب الحريرية بلون البشرة. غادرت المتجر ورأسها لا يزال يدور من مشاهد مناضد البيع التي عليها أثر من ضباب كهربائي بنفسجي، والقطع المطرزة والمزينة، والشراشيب، والحرائر المخضبة بألوان نبات الكبوسين، وكانت قد طلبت فساتين صيفية ومعطفا للسهرة.
التقت في صالة ميلارد برجل إنجليزي طويل وأشقر ذي رأس مخروطي الشكل وشارب أشقر فاتح للغاية ومدبب الخصلات تحت أنفه الطويل. «أوه يا باك، إنني أحظى بأعظم الأوقات. لقد كنت أذهب إلى متجر لورد آند تيلور كثيرا بجنون. هل تعلم أنه لا بد أن عاما ونصفا قد مر منذ آخر مرة أشتري فيها أي ملابس؟»
قال وهو يوجهها إلى إحدى الطاولات: «أيتها المسكينة. احكي لي.»
تركت نفسها ترتمي على كرسي فجأة وهي تئن: «أوه يا باك، لقد سئمت للغاية من كل هذا ... لا أعرف إلى متى يمكنني التحمل.» «حسنا، لا يمكنك إلقاء اللوم علي ... أنت تعرفين ما أريدك أن تفعليه ...» «حسنا، افترض أنني فعلت ذلك، ماذا إذن؟» «سيكون أمرا رائعا، سننسجم معه مثل أي شيء ... ولكن يجب أن نتناول القليل من حساء لحم البقر أو شيئا من هذا القبيل. عليك أن تختاري.» ضحكت. «يا عزيزي القديم، ذلك ما أحتاجه بالضبط.» «حسنا، ما رأيك أن ننطلق إلى كالجاري؟ أعرف رجلا هناك أظنه سيعطيني وظيفة .» «أوه، لنذهب على الفور. لا أهتم بالملابس أو أي شيء ... بإمكان روي أن يرجع هذه الأشياء إلى متجر لورد آند تيلور ... هل معك أي أموال يا باك؟»
أخذ التورد يتدفق إلى عظام وجنتيه، وانتشر على صدغه حتى أذنيه المسطحتين غير المنتظمتين. «أعترف يا آل يا حبيبتي أنه ليس معي بنس واحد. يمكنني دفع ثمن الغداء.» «أوه يا للهول، سأوقع شيكا؛ فالحساب باسمينا كلينا.» «سأوقعه باسمي في بيلتمور، إنهم يعرفونني هناك. عندما نصل إلى كندا سيكون كل شيء على ما يرام تماما، يمكنني أن أؤكد لك ذلك. في ظل سيادة صاحب الجلالة، فإن للاسم بوكمينستر وزنا أكبر مما له في الولايات المتحدة.» «أوه، أعرف يا عزيزي؛ فلا يقيمون وزنا لشيء سوى المال في نيويورك.»
عندما كانا يسيران في الجادة الخامسة، علقت ذراعها في ذراعه فجأة. «أوه يا باك، لدي شيء فظيع للغاية ينبغي أن أقوله لك. إنه يشعرني بإعياء مميت ... أنت تعرف ما قلته لك عن الرائحة الكريهة التي كانت لدينا في الشقة والتي ظنناها رائحة فئران، أليس كذلك؟ هذا الصباح قابلت المرأة التي تعيش في الطابق الأرضي ... أوه يشعرني التفكير في الأمر بالإعياء. كان وجهها أخضر كلون تلك الحافلة ... يبدو أن أحد المحققين قد فتش في أنابيب المياه لديهم ... وقد اعتقلوا المرأة في الطابق العلوي. أوه إنه أمر مقزز للغاية. لا أستطيع أن أخبرك عنه ... لن أعود إلى هناك أبدا. سأموت إذا عدت ... لم تكن هناك قطرة ماء في المنزل طيلة أمس.» «ماذا كان الأمر؟» «إنه أمر مروع للغاية.» «أخبريني يا صغيرتي.» «لن يعرفوك يا باك عندما تعود إلى منزلك في أوربن مانور.» «ولكن ماذا كان في الأمر؟» «كانت هناك امرأة في الطابق العلوي أجرت عمليات غير قانونية، عمليات إجهاض ... كان هذا ما تسبب في انسداد أنابيب المياه.» «يا إلهي!» «كانت هذه بطريقة ما هي القشة التي قصمت ظهر البعير ... وكان روي يجلس في وهن منكبا على صحيفته اللعينة في وسط تلك الرائحة النتنة بذلك التعبير القبيح الرهيب على وجهه .» «أيتها الفتاة الصغيرة المسكينة.» «ولكني يا باك لم أستطع صرف شيك بأكثر من 200 دولار ... سيكون ذلك سحبا على المكشوف بالفعل. هل سيمكننا ذلك من الوصول إلى كالجاري؟» «ليس على نحو مريح للغاية ... هناك رجل أعرفه في مونتريال يمكنه أن يعطيني وظيفة في كتابة ملاحظات اجتماعية ... من البغيض أن أفعل ذلك، ولكن يمكنني استخدام اسم مستعار. ثم يمكننا الفرار من هناك عندما نحصل على المزيد من المال أو أصداف البحر كما تسمينها ... ماذا عن صرف هذا الشيك الآن؟»
وقفت في انتظاره بجانب مكتب المعلومات بينما ذهب هو لإحضار التذاكر. شعرت بالوحدة والصغر وسط قبو المحطة الأبيض الواسع. كانت حياتها كلها مع روي تمر على ذهنها كفيلم يعرض من نهايته لبدايته، أسرع وأسرع. عاد باك وهو يبدو سعيدا ومسيطرا، وكانت يداه مليئتين بالدولارات وتذاكر السكة الحديدية. قال: «لا توجد قطارات قبل الساعة السابعة وعشر دقائق يا آل. أقترح أن تذهبي إلى سينما بالاس وتتركي لي تذكرة في شباك التذاكر ... سأسرع وأحضر عدتي. لن أستغرق ثانية ... ها هي خمسة دولارات.» وقد ذهب، وكانت تمشي بمفردها في شارع 43 في أحد أيام شهر مايو الحارة في فترة ما بعد الظهيرة. لسبب ما أجهشت بالبكاء. حدق الناس إليها؛ فلم تكن تستطيع منع نفسها عن البكاء. سارت بإصرار والدموع تنهمر على وجهها. ••• «التأمين ضد الزلازل، هذا ما يطلقون عليه! سيعود عليهم بالكثير من الخير عندما يحل غضب الرب على المدينة طاردا من فيها بالدخان كعش دبابير ويلتقطها ويهزها كقطة تهز فأرا ... تأمين ضد الزلازل!»
ناپیژندل شوی مخ