170

تحویلات منهټن

تحويلة مانهاتن

ژانرونه

جاء صوت الخادمة من خلفه: «نعم يا سيدتي.»

هز كتفيه ومشى نحو النافذة. شعر بالتعب والمرض والثقل. مر بالشارع صبي على دراجة، وكان يضحك ووجنتاه متوردتان. رأى دينش نفسه، شعر بنفسه لثانية جذابا ونحيفا يركض بلا شيء على رأسه في شارع باين قبل سنوات ينظر لكواحل الفتيات بطرف عينه. رجع إلى الغرفة. كانت الخادمة قد ذهبت.

استهل قائلا: «سيرينا، ألا تستطيعين أن تفهمي جدية الأمر؟ ... إنه هذا الركود. وعندما يبلغ ذروته سيذهب سوق الحبوب بأكمله إلى الجحيم. إنه خراب، أؤكد لك ...» «حسنا يا عزيزي، لا أفهم ما تتوقع مني أن أفعله حيال ذلك.» «اقتصدي ... اقتصدي. انظري إلى أي مدى ارتفع سعر المطاط ... هذا الفستان من متجر هيكسون ...» «حسنا، لن تجعلني أذهب إلى حفلة بلاكهيد وأنا أبدو كمعلمة في مدرسة ريفية، أليس كذلك؟»

امتعض السيد دينش وهز رأسه. «أوه لن تفهمي؛ ربما لن تكون هناك أي حفلة ... اسمعي يا سيرينا، ليس ثمة لغو في الأمر ... أريدك أن تجهزي حقيبة حتى نتمكن من الإبحار في أي يوم ... أحتاج إلى فترة من الراحة. أفكر في الذهاب إلى مارينباد للاستشفاء ... سيفيدك ذلك جدا أيضا.»

جاءت عينها في عينه فجأة. وأصبحت جميع التجاعيد الصغيرة في وجهها أعمق؛ فكان الجلد تحت عينيها كبالون لعبة منكمش. اقترب منها ووضع يده على كتفها وكان يضم شفتيه ليقبلها عندما ثارت فجأة. «لن أجعلك تتدخل بيني وبين صانعي ملابسي ... لن أسمح بذلك ... لن أسمح بذلك ...» «أوه، افعلي ما تريدين.» غادر الغرفة ورأسه منحن بين كتفيه المنحدرين السميكين. «آنييي!» «نعم يا سيدتي.» عادت الخادمة إلى الغرفة.

ترامت السيدة دينش في منتصف أريكة صغيرة مستطيلة القوائم. كان وجهها أخضر. «من فضلك يا آني، أحضري لي زجاجة من روح النشادر الحلو والقليل من الماء ... ويمكنك يا آني أن تتصلي بمتجر هيكسون وتخبريهم بأن هذا الفستان قد أرجعناه عن طريق الخطأ ... خطأ السائق، ورجاء أن يعيدوا إرساله على الفور لأنني ينبغي أن أرتديه الليلة.» •••

السعي وراء السعادة سعي لا مناص منه ... الحق في الحياة والحرية و... في ليلة مظلمة بلا قمر، يسير جيمي هيرف بمفرده في شارع ساوث ستريت. خلف المنازل على أرصفة الميناء تظهر السفن كهياكل عظمية مظللة في الليل. قال بصوت عال: «بحق المسيح، أعترف أنني في حيرة من أمري.» في كل ليالي أبريل هذه التي سار فيها يمشط الشوارع وحده، استحوذت ناطحة سحاب على اهتمامه؛ كانت بناية مخددة ناتئة لأعلى بنوافذ لامعة لا حصر لها كأنها ستسقط عليه من سماء ذات سحاب تسوقه الرياح. تمطر الآلات الكاتبة قصاصات ورق مطلية بالنيكل بتتابع في أذنيه. ووجوه فتيات عرض «الحماقات» (فوليز)، يمجدها الراعي الفني زيجفيلد، تبتسم وتومئ له من النوافذ. إيلي في ثوب ذهبي، إيلي مصنوعة من رقائق ذهبية رفيعة نابضة بالحياة تماما تومئ من كل نافذة. وهو يتجول حول مربع سكني تلو الآخر بحثا عن باب ناطحة السحاب ذات النوافذ المبهرجة الطنانة، حول مربع سكني تلو الآخر ولم يعثر على الباب بعد. في كل مرة يغمض فيها عينيه يستحوذ عليه الحلم، في كل مرة يتوقف عن الجدل بصوت مسموع مع نفسه بعبارات معقولة ورنانة يستحوذ عليه الحلم. كي تبقي على عقلك أيها الشاب عليك أن تفعل أحد أمرين ... من فضلك يا سيدي، أين باب هذا المبنى؟ أهو في الجهة الأخرى من المربع السكني؟ في الجهة الأخرى من المربع السكني ... أحد بديلين لا مناص منهما، أن ترحل في قميص ناعم متسخ أو أن تبقى في ياقة نظيفة قابلة للنزع. ولكن ما الفائدة من قضاء حياتك كلها في الفرار من مدينة الدمار؟ ماذا عن حقك الذي لا مناص منه، المقاطعات الثلاث عشرة؟ يحل عقله العبارات، يمشي بإصرار. لا يوجد مكان محدد يريد أن يذهب إليه. فقط لو كنت ما زلت أومن بالكلمات. •••

هتف المراسل مبتهجا عندما اعتصر راحة اليد السمينة التي امتدت إليه من فوق منضدة متجر السيجار: «كيف حالك يا سيد جولدشتاين؟ اسمي بروستر ... إنني أكتب مقالة عن موجة الجريمة لصالح صحيفة «نيوز».»

كان السيد جولدشتاين رجلا يشبه اليرقة في هيئته، وكان له أنف معقوف وملتو بعض الشيء في وجهه الشاحب الذي تبرز خلفه أذنان يقظتان ورديتان على نحو غير متوقع. نظر إلى المراسل نظرة شك بعينين مشدودتين. «إن لم يكن لديك مانع، أود أن أسمع شهادتك حول ليلة أمس ... سوء الحظ ...» «لن تحصل على شهادة مني أيها الشاب. لن تفعل شيئا سوى أن تطبعها فيحصل الأولاد والبنات الآخرون هكذا على الفكرة نفسها.» «من المؤسف أن تشعر بذلك يا سيد جولدشتاين ... هلا أعطيتني سكوتش روبرت برنز من فضلك؟ ... يبدو لي أن الدعاية ضرورية كالتهوية ... فهي تسمح بدخول الهواء النقي.» قضم المراسل طرف السيجار وأشعله، ووقف ينظر بتمعن إلى السيد جولدشتاين عبر حلقة ملتفة من الدخان الأزرق. بدأ حديثه بانبهار: «كما ترى يا سيد جولدشتاين الأمر يسير بهذه الطريقة. نحن نتعامل مع الموقف من زاوية المصلحة الإنسانية ... شفقة ودموع ... كما تفهم. كان أحد المصورين في طريقه إلى الخارج ليلتقط لك صورة ... أراهنك أنها ستزيد من حجم الأعمال في الأسبوعين المقبلين ... أظن أنني سأضطر إلى الاتصال به وإخباره ألا يأتي الآن.»

استهل السيد جولدشتاين الحديث فجأة، قائلا: «حسنا، هذا الرجل كان يرتدي ملابس جيدة؛ معطفا ربيعيا جديدا وما إلى ذلك، وأتى لشراء علبة سيجار ماركة كاميل ... وقال وهو يفتح العلبة ويأخذ سيجارا ليدخنه: «ليلة جميلة.» ثم لاحظت أن الفتاة التي معه تضع غطاء على وجهها.» «إذن لم يكن شعرها متموجا؟» «كل ما رأيته كان أشبه بأغطية الوجه التي ترتديها السيدات في العزاء. وأول شيء عرفته هو أنها كانت خلف المنضدة، وكان معها مسدس مغروس في ضلوعي، وبدأت تتحدث ... كما تعرف شيء من قبيل المزاح ... وقبل أن أتمكن من التفكير كان الرجل قد أفرغ آلة تسجيل النقد، وقال لي: «هل معك أي نقود في بنطالك الجينز يا رجل؟» كنت أتصبب عرقا ...» «أوهذا كل شيء؟» «بالطبع عندما وجدت شرطيا كانا قد رحلا وذهبا إلى الجحيم.» «كم سرقا من المال؟» «أوه، حوالي 50 دولارا أمريكيا، وستة دولارات من جيبي.» «هل كانت الفتاة جميلة؟» «لا أعرف، ربما كانت كذلك. أرغب في تحطيم وجهها. يجب أن يصدر حكم بالإعدام بالكرسي الكهربائي على هذين الطفلين ... ألا يوجد أمان في أي مكان؟ لم يجب على أي شخص أن يعمل إذا كان كل ما عليك فعله هو الحصول على مسدس والسطو على جيرانك؟» «أتقول إنهما كانا يرتديان ملابس أنيقة ... أتعني كالأغنياء؟» «نعم.» «أنا أعمل على نظرية أنه طالب جامعي وأنها فتاة مجتمع وأنهما يفعلان ذلك من أجل التسلية.» «كان الرجل وغدا حاد النظرات.» «حسنا، هناك رجال جامعيون حادو النظرات ... فلتنتظر مقالة بعنوان «قطاع الطرق في العصر الذهبي» في صحيفة الأحد القادم يا سيد جولدشتاين ... تصلك صحيفة «نيوز»، أليس كذلك؟»

ناپیژندل شوی مخ