قال رجل: «لديهم خمسة أجهزة إنذار حرائق بالداخل. ما رأيك في ذلك؟ كل شخص منهم في الطابقين العلويين كان محبوسا. إنه حريق متعمد. أشعله شخص لعين مهووس بالحرائق.»
جلس شاب مكوما على حافة الرصيف بجوار مصباح الغاز. وجد تاتشر نفسه واقفا بجواره مدفوعا بالحشد من خلفه. «إنه إيطالي.» «زوجته في ذلك المبنى.» «لا تسمح له الشرطة بالدخول.» «زوجته حامل. لا يمكنه التحدث بالإنجليزية ليسأل رجال الشرطة عنها.»
كان الرجل ذو الحمالات الزرقاء مقيدا بحبل من الخلف. كان يحرك ظهره في اضطراب، ويطلق من حين لآخر وابلا من الأنين بكلمات لا يفهمها أحد.
كان تاتشر يشق طريقه خروجا من بين الحشد. كان ثمة رجل عند الناصية ينظر في صندوق إنذار الحريق. وعندما لامسه تاتشر وهو يمر بجواره، شم رائحة زيت الفحم الحجري منبعثة من ملابس الرجل. نظر الرجل لأعلى إلى وجهه مبتسما. كان ذا وجنتين سمينتين متدليتين وعينين جاحظتين وامضتين. بردت يدا تاتشر وقدماه فجأة. إنه المهووس بإشعال الحرائق. تقول الصحف إن أمثاله يتجولون حول الحادث هكذا لمشاهدته. مشى مسرعا إلى المنزل، وصعد الدرج، وأغلق باب الغرفة وراءه. كانت الغرفة هادئة وفارغة. كان قد نسي أن سوزي لن تكون هناك في انتظاره. بدأ في خلع ملابسه. ولم يكن ليستطيع أن ينسى رائحة زيت الفحم الحجري على ملابس الرجل. •••
حرك السيد بيري أوراق الأرقطيون بعصاه. وكان وكيل العقارات يستجديه بصوت منغم: «لا أخفي عليك يا سيد بيري، إنها فرصة لا تفوت. تعرف المقولة القديمة يا سيدي ... لا تطرق الفرصة باب المرء في شبابه سوى مرة واحدة. يمكنني في غضون ستة أشهر أن أضمن لك أن قيمة هذه الأرض ستتضاعف تقريبا. وحيث إننا الآن جزء من نيويورك، ثاني أكبر مدينة في العالم، فلا تنس يا سيدي أنه ... سيأتي الوقت، وأنا على يقين تام بأني سأشهده وإياك، حيث يمتد جسر وراء آخر فوق النهر الشرقي جاعلين لونج آيلاند ومانهاتن أرضا واحدة، وحيث يصبح حي كوينز قلب الحاضرة الكبيرة ومركزها النابض بالحياة كشارع أستور بليس اليوم.» «أعلم ذلك، ولكنني أبحث عن شيء آمن تماما. بالإضافة إلى أنني أريد أن أبني. لم تكن زوجتي بصحة جيدة في هذه الأيام القليلة الماضية ...» «ولكن ما الذي عساه أن يكون أكثر أمانا من العرض الذي أقدمه لك؟ هل تدرك يا سيد بيري أنني حتى إن كنت سأتكبد خسارة شخصية جسيمة، فسأتيح لك فرصة الاستثمار قبل أي أحد في أكبر العقارات المضمونة تماما في العصر الحديث. إنني لا أقدم لك الأمان فحسب، بل السهولة، والراحة، والرفاهية. إن موجة كبيرة تسحبنا يا سيد بيري سواء بإرادتنا أم لا، موجة كبيرة من التوسع والتقدم. سيحدث شيء عظيم الشأن في السنوات القليلة القادمة. جميع هذه المخترعات الميكانيكية - الهواتف، والكهرباء، والجسور الفولاذية، والعربات التي تسير بلا جياد - جميعها تقود إلى شيء ما. والأمر يرجع إلينا إذا كنا سندخل إلى هذا التقدم، ونكون في صدارته ... يا إلهي! لا أستطيع أن أصف لك ما الذي سيعنيه هذا ...» ثم بعدما أخذ السيد بيري يلكز بعصاه بين العشب الجاف وأوراق الأرقطيون، أزال شيئا بها. انحنى والتقط جمجمة مثلثة ذات قرنين على شكل قصبة حلزونية. قال: «يا إلهي! لا بد أنها كانت لخروف جيد.» •••
شعر بود بالنعاس من أثر رائحة الرغوة، وعطر ما بعد الحلاقة، والشعر المحروق الذي يثقل جو متجر الحلاقة، فجلس وأومأ برأسه، ويداه الكبيرتان الحمراوان متدليتان بين ركبتيه. ظل صوت المقص يقرع طبلتي أذنيه مذكرا إياه بقرع قدميه على الطريق الذي مشاه جائعا من ناياك. «التالي!» «ماذا؟ ... حسنا، أريد فقط أن أحلق ذقني وأن أقص شعري.»
تحركت يدا الحلاق القصيرتان السمينتان عبر شعره، وأز المقص كدبور خلف أذنيه. ظلت عيناه تغمضان، ففتحهما بسرعة مقاوما النوم. كان بإمكانه أن يرى خلف الملاءة المخططة المبعثر عليها الشعر المرمل ذاك الرأس المتأرجح الأشبه برأس المطرقة للفتى الملون الذي كان يلمع حذاءه.
دندن رجل ذو صوت عميق من فوق الكرسي بجواره: «أجل يا سيدي، إنه الوقت الذي يرشح فيه الحزب الديمقراطي رجلا قويا ...» «هل تريد أن تحلق عنقك كذلك؟» قرب الحلاق وجهه المستدير الدهني البشرة في وجهه.
أومأ بود. «أتريد أن تغسل شعرك بالشامبو ؟» «لا.»
عندما أرجع الحلاق الكرسي ليحلق له، أراد أن يرفع عنقه كسلحفاة طين انقلبت على ظهرها. انتشرت الرغوة على وجهه فأصابته بالنعاس، مخدرة أنفه ومالئة أذنيه. فأصبح مغمورا في الرغوة فيما يشبه سريرا من الريش، رغوة زرقاء، وسوداء، يشقها لمعان الشفرة القصي، كلمعان مجرفة لحرث الأرض عبر سحب من الرغوة السوداء الضاربة إلى الزرقة. أما الرجل الهرم خلفه، الذي كان موجودا في أحد حقول البطاطس، فقد التصقت الرغوة البيضاء على وجهه المليء بالدماء. امتلأ جوربه بالدماء التي كانت تقطر من تلك البثور على عقبيه. شبك يديه ببعضهما باردتين وصلبتين كيدي رجل ميت أسفل غطاء. دعني أقم ... وفتح عينيه. كانت أنامل سمينة تدلك ذقنه. حدق لأعلى في السقف حيث كانت أربع ذبابات تشكل رقم ثمانية حول جرس أحمر مصنوع من الورق الكريبي. كان لسانه كجلد جاف في فمه. عدل الحلاق الكرسي مرة أخرى. نظر بود حوله بعينين طارفتين. «نصف دولار، ونيكل لتلميع الحذاء.» «يعترف بقتل أمه المقعدة ...»
ناپیژندل شوی مخ