261

تحت بيرغ قرآن

تحت راية القرآن

خپرندوی

المكتبة العصرية-صيدا

د خپرونکي ځای

بيروت

بعد اليوم ولقد غششتُ من قبلُ إذ كنت لا أقول ما أعلم، فلن أجمع على نفسي بين ما ترونه كفرًا وما أراه غشًا؛ لقد كنت أقول لكم: "عباد الله" وإنما أنتم عباد أنفسكم، فإن رجلًا عربيًا وضع لكم شرعًا وكتابًا لفق فيه من خرافات الأعراب الذين يبولون على أعقابهم، ثم مضى لسبيله فتوهمتم دينًا وإلهًا، وتعبدتم لهذا وتعلقتم بذلك، فَوَهمكم تعبدون، وأنفسكم تؤلهون، وزعمتم أن الوحي كان ينزل كلامًا، ولو نزل كلامًا للمهتدين لنزل حجارة على الكافرين. . .
ولما انتهى إلى هذه الكلمة من قوله، أصابته حصاة في وجهه، حَصَبَه بها
رجل من عُرض الناس، فقال: ها! كأنكم توهمونني أن السماء ترد علي بهذه
الحصاة، ولكن من أين جاءت؟ جاءت من ناحية الباب لا من ناحية السقف، وليس أحد على الباب، وليس أحد إلا في المسجد، فمن المسجد أصِبت.
وهذا هو المنطق.
فرماه أحدهم بنعل صكت وجه، فقال: وهذا دليل آخر، فما كانت
السماء لترسل نعالًا؛ وهذه النعل كما أتحسسها نعل (مطينة) وليس في السماء طين فمن أين جاء الطين؟
جاء من الأرض، وكانت النعل في قدم أحدكم فالتاث
بها فمنكم أصِبتُ، وهذا هو المنطق.
فتصايح الناس وقالوا: أيها الشيخ إن أول الغيث قطر وينسكب، وهذا هو
المنطق. . . "
ثم انهمرت عليه نعالهم حتى ملأت جوف المنبر ودفنوه فيها دفنًا، ثم
تركوه وتركوها له ومشوا حفاة يرون أنهم يُغبرون أقدامهم في سبيل الله.
قال دمنة: ثم إن شيخًا كان معهم فخالفهم إلى المسجد وتسوَّر المنبر
حتى علاه، فكشف عن وجه الخطيب المسكين وكان في برزخ بين الدنيا
والآخرة، فتنفس حتى ثابت إليه روحه، ثم قال له: أيها الغبي، لقد كنت عالمًا تكفر في نفسك وفي رأيك، فتركوا لك رأيك ونفسك ولم يضطروك إلى ما تكره وخَلاك ذَمٌّ؛ ولكنك كنت رجلًا حمِقًا مخذولًا، لا تعرف موضع رأسك من مواضع رؤوس الناس، فلما أبيت إلا أن يكون على كل عنق مثلُ وجهك الدميم، وأبيت إلا حملهم على كفرك، وجعلت باطلك أمير حقوقهم؛ وأبيت إلا أن تسمى فيهم رأسًا وما يعرفونك إلا ذيلًا كان منهم ما رأيت، فعرَّفوك أيها العالم العظيم قيمةَ علمك، إذ أهدوا إليك مكتبة عظيمة كل "مجلداتها" نعال. . .

1 / 265