212

تحت بيرغ قرآن

تحت راية القرآن

خپرندوی

المكتبة العصرية-صيدا

د خپرونکي ځای

بيروت

بين الناس إلا في عصر متأخر، - وفي عصر الرواة - المدونين والقَصاصين فأكبر الظن أنها نشأت في هذا العصر ولم تورَث من العصر الجاهلي؛ وأكبر الظن أن الذي أنشأ هذه القصة ونفاها إنما هو ذلك المكان الذي احتلته قبيلة كندة في الحياة الإسلامية إلى أواخر القرن الأول للهجرة. "فنحن نعلم أن وفدًا من كندة وَفَد على النبي ﷺ وعلى رأسه الأشعث بن قيس. . . وأن الأشعث - بعد الردة - تاب وأناب وأصهر إلى أبي بكر فتزوج أخته أم فروة. . . وشهد مواقع المسلمين في حرب الفرس، وتولىٍ عملًا لعثمان، وظاهرَ عليًا على معاوية، وأكره عليًا على قبول التحكيم في صِفين. " ونحن نعلم أن ابنه محمد بن الأشعث كان سيدًا من سادات الكوفة، عليه وحده اعتمد زياد حين أعياه أخذ حُجر بن عدي الكندي ونحن نعلم أن قصة حجر بن عدي هذا وقتلَ معاوية إياه في نفر من أصحابه قد تركت في نفوس المسلمين عامة واليمنيين خاصة أثرًا قويًا عميقًا مَثَّلَ هذا الرجل في صورة الشهيد؛ ثم نحن نعلم أن حفيد الأشعث بن قيس وهو عبد الرحمن بن محمد قد ثار بالحجاج وخلع عبد الملك. . . ثم انهزم فلجأ إلى ملك الترك ثم أعاد الكرة فتنقل في مدن فارس. ثم استيأس فعاد إلى ملك الترك، ثم غدر به هذا الملك فأسلمه إلى عامل الحجاج، ثم قتل نفسه في طريقه إلى العراق. . . أتظن أن أسرة كهذه الأسرة الكندية تنزل هذه المنزلة في الحياة الإسلامية لا تصطنع القصص ولا تؤجر القُصاص لينشروا لها الدعوة ويذيعوا عنها كل ما من شأنه أن يرفع ذكرها ويُبعد صوتها؟ بلى، ويحدثنا الرواة أنفسهم أن عبد الرحمن بن الأشعث اتخذ القُصاص وأجرهَم. . . وكان له قاص يقال له عمرو بن زر. وقصة امرئ القيس بنوع خاص تشبه من وجوه كثيرة حياة عبد الرحمن بن الأشعث، فهي تمثل لنا امرأ القيس مطالبًا بثأر أبيه، وهل ثار عبد الرحمن عند الذين يفقهون التاريخ إلا منتقمًا لحجر بن عدي، وهي تمثل لنا امرأ القيس طامعًا في الملك، وقد كان عبد الرحمن بن الأشعث يرى أنه ليس أقل من بني أمية استئهالًا للملك الذي كان يطالب به، وهي تمثل لنا امرأ القيس متنقلًا في قبائل العرب، وكان عبد الرحمن متنقلًا في مدن فارس والعراق، وهي تمثل امرأ القيس لاجئًا إلى قيصر مستعينًا به، وقد كان عبد الرحمن لاجئًا إلى ملك الترك مستعينًا به، وهي تمثل لنا خبر امرئ القيس وقد غدرَ به قيصر بعد أن كاد له أسدي في القصر، وقد غدر ملك الترك بعبد الرحمن بعد أن كاد له رسل الحجاج، وهي تمثل لنا بعد هذا وذاك امرأ القيس وقد مات في طريقه عائدًا من

1 / 216