وأنواع المحاسن، ويقابل كل ضرب بضرب مثله: فما كانت محاسنه، أكثر وعيوبه أقل كان أفضل من الآخر، وهذا هو الذي أشار إليه ضياء الدين بن الأثير، ووعدت في أول هذا الباب بذكره، فإنه أيضًا غاير النقاد في هذا المكان، إذ عادتهم ألا يرجحوا بين الكلامين إلا إذا اشتركا في معنى واحد والله أعلم.
ومثال ما تقع فيه المفاضلة بين الكلامين المختلفي المعنى قول الله ﷾: " وقيل يا أرض ابلعي ماءك " وقال ﷿: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " الآية، فإن الأولى في الطبقة العليا من البلاغة والفصاحة، والثانية في الطبقة الوسطى بالنسبة إليها، لأن الثانية وإن كانت بليغة فالأولى أبلغ، وإن كنت كثيرة المعاني، فالأولى أكثر، فالأولى أفضل مع كون مقصد الاثنين مغايرًا مختلفًا، وعلى هذا فقس ترشد والله ﷿ أعلم.