تحقيق وصول
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
ژانرونه
2
[aphorism]
قال أبقراط: إن «كل ما يستفرغ من البدن» من الخلط الفاسد في كيفيته فقط على ما فهمه جالينوس واستدل على أن مراد أبقراط ذلك بتكريره لفظ النوع في هذا الفصل مرتين، وذلك لأن المراد من لفظ النوع في اللغة اليونانية المؤذي بكيفيته إذ لو كان مراده استفراغ المؤذي * بالكمية (28) لأتى بلفظ المقدار بدل لفظ النوع واستدل أيضا على ذلك باستعمال الإمام * لفظ (29) ينقى بدل * لفظ (30) يستفرغ الذي هو أعم إذ النقاء في اللغة اليونانية لا يكون إلا من الشيء المؤذي بكيفيته وذهب القرشي PageVW1P006B إلى أن مراده استفراغ المؤذي مطلقا واستدل على ذلك بقول أبقراط بعد ذلك، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد فإن معناه إن لم يكن المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن ضر ذلك، ولو كان الخلط الزائد في كميته مع صلاح الكيفية ليس من هذا النوع لكان PageVW0P006A استفراغه ضارا والواقع بخلافه فإنه نافع. فائدة: الامتلاء على ثلاثة أقسام. امتلاء بحسب القوة فقط وهو الزيادة في الكيفية فقط، وامتلاء بحسب الأوعية فقط وهو الزيادة في الكمية فقط، وامتلاء بحسبهما * معا (31) وهو الزيادة فيهما والاستفراغ حينئذ نافع.
[commentary]
«عند استطلاق البطن والقيء اللذين يكونان طوعا» وذلك بأن يكون سبب هذا الاستفراغ * الطبيعية (32) فقط ولهذا يسمى الاستفراغ الطوعي وإنما اقتصر فيه على استطلاق البطن والقيء لأنهما إذا كان المستفرغ منهما «من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن» وذلك بأن يكون ضارا «نفع ذلك» وكان الاستفراغ من المؤذي كثيرا «و» لهذا «سهل احتماله» على الطبيعة لأنها تكون مساعدة PageVW1P007A على خروجه غير * متشبثة (33) به تشبثها بالنافع وربما تأخر نفعه لأمر يتبعه كثوران حرارة وسحج في الأمعاء بواسطة خروجه وقد يكون خروجه ضارا وذلك إذا خرج دفعة فإنه يوجب أحوالا رديئة لكثرة ما يخرج من الأرواح حينئذ كخروج مادة الاستسقاء مثلا دفعة هذا «وإن لم يكن» المستفرغ «كذلك» بأن يكون من النوع الذي ينفع البدن «كان الأمر على الضد من ذلك» وذلك لأن PageVW0P006B خروج النافع * ضار (34) لا محالة والطبيعة تكون * متشبثة به (35) وإنما يخرج إذا عجزت عن إمساكه لانقهارها فلذلك يكون خروجه * غير (36) محتمل، وقوله «وكذلك خلاء العروق» من المؤذي بكيفيته فقط على ما فهمه جالينوس ومن المؤذي بما هو أعم من ذلك على ما فهمه القرشي إشارة إلى الاستفراغ الصناعي وإنما خص ذلك بخلاء العروق لأن غالب هذا الاستفراغ يكون بالفصد * وبالدواء المسهل (37) وكل * منهما (38) يلزمه خلاء العروق. والمعنى أن حكم الاستفراغ الصناعي حكم الطوعي فيما ذكر فإنها «إن خلت من النوع الذي ينبغي أن تخلو منه نفع PageVW1P007B ذلك وسهل احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد» تعليل هذا * يعلم (39) مما تقدم. تنبيه: اعلم أن النفع والسهولة إنما يدلان على نوع المادة بعد * خروجها (40) ، وإن أردت ما يدل على ذلك قيل « * فينبغي أن تنظر (41) أيضا في طبع الوقت الحاضر من أوقات السنة» وهي الفصول الأربعة «وفي» طبع «البلد» الذي حدث فيه المرض «وفي» طبع «السن» وهي أربعة وسيأتي بيانها عند الكلام على قوله «أحمل الناس للصوم المشايخ» «وفي التدبير» السالف للمرض وذلك بأن تنظر هل كان يستعمل PageVW0P007A الأدوية الحارة أم الباردة «وفي العادة» للمريض من الاستفراغ «وفي نوع المرض» أحار هو أم بارد وينظر أيضا في صنعته وما تقتضيه كالحداد والملاح مثلا «هل توجب» هذه الأشياء المذكورة «استفراغ ما هممت باستفراغه أم لا» توجب ذلك وهذا الاستفراغ وإن كان نافعا فشرطه عدم الإفراط فإن كل إفراط مذموم.
3
[aphorism]
قال أبقراط: «خصب PageVW1P008A البدن» أي زيادته في اللحم «المفرط» صفة للخصب «خطر لأصحاب الرياضة» أعني الذين اتخذوها حرفة * لأنهم (42) لا يتناهون في زيادة أبدانهم بكثرة التغذية بخلاف الرياضة المتخذة للمعيشة. والرياضة حركة إرادية يضطر صاحبها إلى النفس العظيم وعلة الخطر الرياضة، وخصوصا رياضة هؤلاء فإنها شديدة التسخين فتوجب * التحليل (43) في الرطوبات، فيلزمه زيادتها. والأعضاء في أبدان هؤلاء غيرة قابلة * للتمديد (44) ، فبقي أما انشقاق عرق أو انصباب الدم إلى بعض الأفضية أو خنق الحرارة الغريزية. وكل من هذه الأمور خطر. وهذا الوجه ارتضاه القرشي، وقال أنه الحق ويؤخذ منه عدم توجيه ما ذهب إليه ابن أبي صادق من أن أبقراط إنما خصص الخطر بأصحاب PageVW0P007B الرياضة ليفيد أنه في غيرهم أخطر. قال جالينوس، قد وصف أبقراط العلة التي لأجلها ينبغي أن ينقص هذا الخصب بقول «إذا كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى» وذلك بأن * تصير (45) أعضائهم غير قابلة للتمديد، «وذلك أنهم لا يمكن أن يثبتوا على حالهم PageVW1P008B تلك ولا يستقروا، ولما لم يمكن أن * يزدادوا (46) صلاحا» وذلك لأنه لما كانت الطبيعة التي في البدن تنضج الغذاء دائما وتنفذه إلى مواضعه وتقلبه دما. ثم توزعه في الأعضاء وتصلبه وتشبهه بها وجب لهذا أن يكون البدن إذا صار إلى حال لا يمكن معه أن تقبل أعضاءه الأصلية شيئا من الزيادة ولم يبق في العروق موضع لقبول ما ينفذ إليها من الغذاء.
[commentary]
"فبقي أن يميلوا إلى حالة هي أردى» من الحالة التي هم عليها وذلك بأن تنشق بعض عروقهم أو تنصب المادة إلى بعض الأفضية أو يختنق الحار الغريزي ويحصل الفساد كما تقدمت الإشارة إليه. واعلم أنه لو حصل لهؤلاء رعاف متوسط لانتفعوا به وانتقلوا عن حالتهم إلى ما هو أصلح منها. تنبيه: اعلم أن حصول هذا * الصلاح (47) إنما يكون بعد حركة الرطوبات وانبساطها ولا شك أنها حالة رديئة PageVW0P008A وإن أعقبها الصلاح المذكور. وحينئذ فلا ينافي حصول هذا الصلاح قول الإمام «فبقي أن يميلوا إلى حالة هي أردى» «فلذلك ينبغي أن ينقص خصب البدن» المفرط «بلا تأخير كما يعود البدن» إلى حالة PageVW1P009A هي أصلح من التي هم عليها، «فيبتدي في قبول الغذاء» بأن يتلقاه بالقبول والمحبة فلا يفسد. وأما كونه قابلا للغذاء فذلك أمر ثابت له دائما ويلزم هذا أيضا الأمن من الخطر * أيضا (48) . هذا: «ولا يبلغ من استفراغه» أي البدن عند تنقيصك له «الغاية القصوى فإن ذلك خطر» لإسقاطه القوة «لكن يكون» التنقيص «بمقدار احتمال طبيعة البدن الذي يقصد إلى استفراغه» لأن الأبدان منها * متخلخل (49) لا يحتمل من الاستفراغ إلا القليل، ومنها * متلززة (50) تحتمل ما هو أزيد من ذلك. ولما ذكر خطر المبالغة في التغذية والمبالغة في الاستفراغ في مثال جرى، أراد التعميم في ذلك. فقال «وكذلك أيضا كل استفراغ يبلغ فيه الغاية القصوى فهو خطر» لما تقدم «وكل تغذية أيضا تبلغ فيها الغاية القصوى» سواء كانت في القلة أو في الكثرة «فهي خطر» أما الكثرة فلأنه يلزمها عسر الهضم وفساده، وأما القلة فلأنه يخف PageVW0P008B معها البدن ويهزل. تنبيه: اعلم أن جالينوس قال: المراد من هذا الفصل الاستفراغ بحسب الكمية ومن PageVW1P009B الذي قبله الاستفراغ بحسب الكيفية كما تقدمت الإشارة إليه وحينئذ يندفع عنه ما ألزمه له بعض الشراح من أن الفصل الثاني يكون تكرارا. وهو مشتمل أيضا على بعض أحكام التغذية، وحينئذ فذكر هذا الفصل بعده مناسب.
ناپیژندل شوی مخ