/ص60/ وعلى ما ذكرتموه، تسقط من لفظ حديث اسرائيل ("فكتب"), لأن معناه عندكم ("فأخذ الكتاب فمحا") على رواية شعبة والصواب في الجمع بين الحديثين: أن يكون قال لعلي: ("أمح رسول الله واكتب محمد بن عبد الله") فلما أبى من ذلك علي (¬1) _ رضي الله عنه_ /ص61/ أخذ رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ الكتاب، فمحا رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ وكتب محمد بن عبد الله. وهذا وجه صحيح في الجمع بينهما، لأنه استعمل الزائد من لفظ الأحاديث كلها، وحملها على ظاهرها وحقيقتها.وكان ذلك أولى من تأويلكم في الجمع بينهما، لأنكم تسقطون لفظه ("كتب") أو تعدلون بها عن ظاهرها، فتحملونها علىأنه أمر من يكتب، وتحملون"محا" علمي أنه باشر المحو، وأحدهم معطوف على الآخر، وهذا غاية التحكم دون دليل ولا ظهير، فكان ما قلناه أولى.
/ص62/ الباب الخامس
"في إبطال قول من قال: أن في أحد هذه الأقول
ما يبطل به المعجز، ويتغير به الشرع
أو يرد شيئا من القرآن"
/ص63/ وأما من قال: يبطل معجز النبي_صلى الله عليه وسلم_ إذا كتب يوم الحديبية، وأن في تصديق ذلك تكذيبا (¬1) للقرآن، وتغييرا لشيء من الشريعة. فقد بعد عن الصواب جدا. وأراه قال ذلك: حددا (¬2) أو عنادا. والواجب عليه أن يتفقد أقواله قبل أن يطلقها، ويقيدها ولا يهملها. فليس الغرض في الكلام، وإنما الغرض في الاصابة والمتكلمون كثيرا، والمصيب نزر يسير. والصواب أن يقال في ذلك: أنه لو صح ما روي عن النبي_ صلى الله عليه وسلم_ من ذلك (¬3) لكان معدودا في جملة معجزاته، وعظيم آياته، مؤكدا لما ورد به القرآن من صدقه.
مخ ۴۲