وهذا بدوره أَفْضى إلى نشوبِ الخلافاتِ واشتعالِ الحروبِ سَواءٌ فيما بين تلك الإمارات بعضها لبعض، أَوْ فيما بينهما وبين غَيْرها من الأُمم الأُخرى المجاورة.
وقد هَيَّأَ لذلك الانْقسام وما ترتَّب عليه عدَّةُ أسبابٍ سبقت عصر الكرمانيِّ، أُجْملها فيما يلي:
١ - الحملاتُ الصَّليبيَّةُ الحاقِدة الَّتي شَنَّها النَّصارى الأوربِّيُّون عَلى الأَقاليم الإسلاميَّة (١)؛ بقصد النَّيل من المسلمين واستِغْلال ثَرواتِهم (٢).
٢ - انْقِضاءُ دولةِ بني العبَّاس إِثر الهجوم التَّتري الغاشِم، الذي أَسْفر عن سقوطِ بغداد سنة ٦٥٦ هـ (٣)، وقتل الخليفة، واجْتياح أغلب البلاد الإسلاميّة.
_________
= الإِسْلاميّة"؛ لمحمَّد الخضري: (٤٨٣).
(١) اختلف المؤرّخون في نشأَتِها على أَقوالٍ عدَّة؛ أَرْجحُها أَنَّها بدأت سنة (٤٩٠ هـ)، واستمرّت حتَّى سنة (٦٩٠ هـ) أي: قرنين كاملين.
ينظر: المرجع السَّابق: ص (٤٤٠).
والحقُّ: أن خطر الصَّليب ما زال يُحْدق بالأُمَّة الإسلاميّة، ويتربّص بها الدَّوائر، وليس ثمَة فرق -في حقيقة الأمر- بين حملات الأَمس وحملاتِ اليوم؛ اللهم إلَّا بما اسْتترت خلفه حملاتُ اليوم من أقنعةٍ زائفة وشعاراتٍ برّاقة.
(٢) ينظر: الحركة الصليبيّة، د / سعيد عاشور: (١/ ٢١ - ٢٥). ومن عجبٍ أَنْ يَرْجع بعضُ المؤرّخين أسباب تلك الحملات -مع ظهورها- إِلى دوافعَ أخرى لا تمتُّ إلى الحقيقةِ بصلة.
راجع تلك الآراء في: المرجع السَّابق (الصّفحات نفسها)، وأوروبا في العصور الوسطى للمؤلِّف نفسه: (١/ ٤٢٤).
(٣) ينظر: البداية والنِّهاية: حوادث سنة (٦٥٦): (١٣/ ٢٢٦ - ٢٤٣)، وتاريخ الخلفاء =
1 / 38