تحقیق الآمال فيما ینفع المیت من الاعمال
تحقيق الآمال فيما ينفع الميت من الأعمال
ژانرونه
ومن زعم من الناس أنه يحب طول البقاء في الدنيا ليستكثر من الأعمال الصالحة المقربة إلى الله تعالى، فإن كان مع ذلك حريصا عليها ومشمرا فيها ومجانبا لما يشغل عنها من أمور الدنيا فهو بالصادقين أشبه، وإن كان متكاسلا عنها ومسوفا فيها أعني الأعمال الصالحة فهو من الكاذبين المتعللين بما لا يغني عنه، لأن من أحب أن يبقى لأجل شيء صار في غاية الحرص على ذلك الشيء مخافة أن يفوته ويحال بينه وبينه. سيما والعمل الصالح لا يمكن إلا في الدنيا، ولا يتصور وجوده في غيرها البتة، لأن الآخرة دار جزاء وليست بدار عمل. فتفكر في ذلك جدا عسى الله أن ينفعك به، واستعن بالله واصبر، واجتهد وشمر، وبادر بالأعمال الصالحة من قبل أن لا تجد إليها سبيلا، واغتنم فسحة المهل من قبل أن يفجأك الأجل، فإنك غرض للآفات، وهدف منصوب لسهام المنيات، وإنما رأس مالك الذي يمكنك أن تشتري به من الله سعادة الأبد هذا العمر. فإياك أن تنفق أوقاته وأيامه وساعاته وأنفاسه فيما لا خير فيه ولا منفعة، فيطول تحسرك ويعظم أسفك بعد الموت إذا عرفت قدر الفائت وتحققته.
مخ ۷۲