ورأيت غيرهم من الطوائف حالفوا الأباطيل وخالفوا الدليل، ووجدتهم عن الحق ذاهبين، وفي مقالاتهم كاذبين، فعند ذلك جمعت في كتابي هداية للمسترشدين، ورياضة للمتدبرين مسائل لا بد من معرفتها، ولا يسع المكلف جهلها، وأشرت إلى نكته وعمد من أدلة العقل والكتاب والسنة والإجماع، وبينت أن جميع هذه الأدلة يوافق بعضها بعضا، وأن شيئا منها لا يوجب اختلافا ونقضا، وأوردت في كل مسألة مضايق لكل طائفة تلجئهم إلى الإعتراف لا محيص لهم عنها، وبينت أن المخالفين كما خالفوا العقول خالفوا الكتاب والسنة، وسميته (تحكيم العقول في تصحيح الأصول)، وتركت الكلام في الدقائق اقتداء بشيخنا أبي الفضل جعفر بن حرب رحمة الله عليه، فأتى في حال شيبه وآخر عمره أخذ يصنف في المسائل الظاهرة من التوحيد والعدل دون الخوض في دقائق الكلام، وإلى الله تعالى أتقرب بجميع ذلك، وأسأله التوفيق والعصمة.
والكتاب ينقسم إلى خمسة أقسام:
أولها: في ذكر مقدمات لا بد منها.
وثانيها: الكلام في التوحيد.
وثالثها: الكلام في العدل.
ورابعها: الكلام في النبوات.
وخامسها: الكلام في الشرائع، وكل قسم منها يشتمل على مسائل، وكل مسألة تتضمن دلائل نحررها ونذكر الشبه فيها ونحلها، كل ذلك على سبيل الإيجاز والاختصار، وبالله أستعين، وعليه أتوكل، وهو حسبي ونعم المعين.
مخ ۲۸