ثم ذكر تعالى خصلة أخرى من خصال أولئك الكفرة فقال تعالى: وإذا لقوا يعني هؤلاء المنافقين الذين آمنوا قيل: المراد باللقاء إذا رأوهم، وقيل: أراد بلقائهم مناظرتهم، كما يقال: لقي العلماء، ولقي الخصوم، واختلفوا، فقيل: المراد به منافقو اليهود، عن ابن عباس والحسن وأكثر أهل العلم الذين آمنوا يعني محمدا وأصحابه، وقيل: أبا بكر وعمر قالوا آمنا أي صدقنا وتبعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وإذا خلا بعضهم إلى بعض) قيل: خلوا برؤسائهم وأحبارهم نحو كعب بن الأشرف وأمثاله قالوا أتحدثونهم أتخبرونهم بما فتح الله عليكم قيل: بما حكم الله عليكم من اتباع النبي الأمي، والعلم بصفته، والبشارة به، عن أبي علي وقتادة وأبي العالية والكلبي. وقيل: بما حكم الله عليكم من العذاب، عن السدي. وقيل: بأن جعل منكم قردة وخنازير، عن مجاهد. وقيل: بما حكم، وقيل: بما فتح الله عليكم من النصر في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ترون من معجزاته، وما أخبر ببدر عن حال القوم فأراهم - مصارع القوم، فكان كذلك، عن أبي علي. وإنما حمل عليه لأنه يحمل الآية على المنافقين من غير اليهود، وقيل: بما بينه لكم، عن الكسائي. وقيل: بما أنزل عليكم، ونظيره (لفتحنا عليهم بركات من السماء) عن الواقدي. وقيل: بما من عليكم وأعطاكم، عن أبي عبيدة والأخفش. وقيل: بما علمكم، يقال: أحب أن تفتح علي في أمري، أي تعلمني، عن أبي مسلم ليحاجوكم به عند ربكم قيل: لتكون لهم حجة عليكم، عند الله في الدنيا والآخرة، وقيل: ليكون لهم حجة عند الله يوم القيامة، وقيل: عند ربكم، فيكون أولى به منكم، إذا قامت حجة عليكم، عن الحسن. وقيل: عند ذكر ربكم، والأول أقرب؛ لأنه أظهر من غير تخصيص أفلا تعقلون قيل: أفلا تعلمون. وقيل: أليس لكم ذهن الإنسانية. وقيل: أفلا تعلمون أن الأمر على ما نقول، فاتركوا الإخبار به، عن أبي علي. وقيل: أفلا تعلمون أن كتمانهم كفر، وأن من فعل فعلهم فليس بعاقل، عن الأصم. واختلفوا أن الخطاب لمن؟ فقيل: هو خطاب من اللائمين لمن لاموه على الإخبار بآيات الله، عن قتادة وأبي علي وأكثر أهل العلم. وقيل: يرجع القول إلى المؤمنين، يعني أفلا تعقلون أنهم لا يؤمنون، فلا تطمعوا في ذلك، عن الحسن. والأول أوجه؛ لأنه على سنن الكلام، وقيل: إنه خطاب من الله تعالى لليهود، يعني أفلا تعقلون حتى تقبلوا من رؤسائكم مثل هذا، فحذرهم عن الرجوع إليهم.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على أن القوم حافظوا على أمر الدنيا، وتركوا أمر الدين؛ لذلك أنكروا
مخ ۴۴۷