251

أي بأمر الله، عن أبي علي، وقيل: بل هو على جهة الميل، كأنه يهبط من خشية الله لما فيه من الانقياد لأمر الله، الذي لو كان من حي قادر لدل على أنه خاش لله، وهذا معنى قول أبي القاسم، وقيل: أراد الجبل الذي تجلى له وجعله دكا، وقيل: يدعو ما فيه من الآية من جهة الهبوط وغيره إلى خشية الله، وقيل: هو سبب الخشية لما يوجد فيه من الزلازل والآيات، فيخافون عندها، فأما ما روي عن مجاهد وابن جريج أن كل حجر تردى عن رأس جبل فهو من خشية الله فغير صحيح على ظاهره؛ لأن الخشية على الجماد لا تجوز إلا أن تحمل على بعض ما ذكرنا. وما روي عن الزجاج: أن المراد من جعل فيه التمييز، ففاسد؛ لأنه ليس بحجر إذا بقي إنسانا، ولأنه يعطل معنى التعجيب؛ إذ لا يستبعد ذلك ممن له التمييز، وأصح الأقوال ما ذكره أبو القاسم: أنه على طريق التمثيل، وله شواهد، قال تعالى: (جدارا يريد أن ينقض) أي كأنه يريد، وقال زيد الخيل: بجيش تضل البلق في حجراته ... ترى الأكم فيها سجدا للحوافر وقال آخر: لما أتى خبر الزبير تهدمت ... سور المدينة والجبال الخشع أي كأنه كذلك، وقال آخر: والشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا وقال تعالى: (أتينا طائعين) وقال تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) يعني لو كان له تمييز لكان هكذا، يدل عليه أنه قال: (وتلك الأمثال نضربها للناس).

وما الله بغافل عما تعملون بالتاء يجوز أن يكون خطابا لبني إسرائيل في زمن موسى (عليه السلام)، ويجوز أن يكون خطابا لمن كان في زمن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبالياء كناية عن الماضين، والمعنى: إن كنتم غافلين عن الآيات، والله تعالى لا يغفل عنكم، فيجازيكم بسوء صنيعكم.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على قلة الخير في قلوب أولئك، فإنها أقسى من الحجر لما في الحجر من المنافع، ولا منفعة في قلوبهم.

وتدل على أن تلك القسوة ليست من خلق الله فيها [*]، بل هي فعلهم؛ لذلك ذمهم.

مخ ۴۴۲