232

قلنا: قيل: كان رجل موسر في بني إسرائيل، وله بنت، وله ابن أخ معسر فخطب ابنته، فأبى أن يزوجها منه، فقال: لأقتلن عمي، ولآخذن ماله، فانطلق به إلى سبط وقتله، ورجع وخرج يحثو التراب على رأسه، عن السدي. وقيل: كان رجل موسر قتله بنو أخيه ليرثوه، ثم جاؤوا يطلبون الدية وتنازعوا. وقيل: كان موسر له ابن عم معسر طال عليه موته فقتله ليرثه، عن عطاء.

ويقال: ما وجه إحياء الميت لما يضرب به من بقرة ذبيحة؟

قلنا: لما علم فيه من المصلحة ولخلق الحياة عند طاعته وقربه واعتبار بمشاهدة تلك الأحوال، وإيصال رزق إلى صاحب البقرة، وغير ذلك من المنافع ووجوه المصالح.

ويقال: لم لم يخبر الله بالقاتل؟

قلنا: لما علم من المصلحة، ولعله كان يكذب موسى في إخباره بذلك فيكفر، فأظهر القاتل على وجه لا يؤدي إلى كفر القاتل، ودل على إحياء الموتى، وفيه تنبيه على التحرز من فعل القبيح مخافة الفضيحة يوم القيامة كما افتضح هذا القاتل، وفيه معجزة لموسى (عليه السلام).

ويقال: لماذا لم يبين أولا السبب في ذبح البقرة؟

قلنا: لما علم من الصلاح في تأخير بيانه، ولأنه لو بين لكان وبما تقع الفتنة بين أولياء القاتل فكتم إلى وقت كان الصلاح في بيانه، وقيل: كان هذا قبل نزول القسامة في التوراة قالوا يعني قوم موسى له أتتخذنا هزوا أي أتسخر منا حيث سألناك عن القتيل، فتأمرنا بذبح بقرة، وإنما قالوا ذلك لتباعد ما بين الأمرين في الظاهر مع جهلهم بوجه الحكمة، فقالوا: وأي شيء في ذبح البقرة مما يقطع التنازع في القتيل.

ويقال: هل قولهم لنبيهم: أتتخذنا هزؤا كفر؟

قلنا: بلى؛ ولذلك أجاب بقوله: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين يعني أنا أرفع شانا من أن أهزأ بأحد، أو بالشرع؛ لأن القبيح إنما يفعله الجاهل به، والمحتاج إليه أعوذ بالله أي ألجأ إليه، وأعتصم به أن اكون من الجاهلين.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على أن العادة كانت فيهم التقرب بذبح البقرة؛ لذلك أمرهم به.

مخ ۴۲۳