ومتى قيل: لم قالوا: لن نصبر على المن والسلوى مع فضلهما؟
قلنا: كانوا أهل بصل وعدس، قد ألفوه، فاشتاقت طباعهم إلى ما جرت به عاداتهم، فسألوا ذلك، عن الحسن، وقيل: تبرموا بالمفاوز، واحتشموا أن يظهروا ذلك، فعرضوا بهذا القول: فادع لنا أي ادع الله لأجلنا يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها كل نبت لا ساق له وقثائها نوع من الخيار وفومها قيل: هو الخبز، عن ابن عباس، وقيل: هو الحبوب كلها، عن [القتبي]، وقيل: هو الثوم، عن الكلبي والنضر بن شميل، والثاء تبدل من الفاء، يقال: جدث، وجدف، وهو قول الكسائي وأبي عبيدة، وقيل: إنه في مصحف عبد الله، وثومها، قيل: هو الحنطة، عن الحسن وقتادة وعطاء ومجاهد، واختيار المبرد وعدسها وبصلها قال يعني موسى، وقيل: الله قال لهم ذلك (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) قيل: أتتركون من الطعام ما هو خير، وتطلبون ما هو شر، وقيل: أتتركون ما اختار الله لكم، وتريدون ما تختارون لأنفسكم، وهو استفهام، والمراد النهي، أي لا تختاروا ما لا يختاره الله لكم، وعلى هذين المعنيين أدنى من الدون الذي هو الدوني، وقيل: هو من الدنو أي تتركون ما هو أقرب مأخذا، وتختارون ما هو أبعد، وقيل: بدلوا الأخبث بالألذ.
ويقال: سؤالهم هل كان معصية؟
قلنا: قيل: لا؛ لأن الأول كان مباحا، فسألوا مباحا آخر، وقيل: كان معصية؛ لأنهم لم يرضوا بما اختاره الله لهم، فلذلك ذمهم على ذلك، وهو الأوجه (اهبطوا)
انزلوا (مصرا) قيل: مصرا من الأمصار، عن قتادة والسدي ومجاهد وأبي علي، قال أبو علي: لا يجوز أن يريد المصر المعروفة، لأنهم أمروا بدخول بيت المقدس، قال أبو مسلم: الأمر بذلك لا يقتضي دخول مصر، وقيل: يعني مصر فرعون، عن الحسن وأبي العالية والربيع والأعمش، وقيل: بيت المقدس مصرا فإن لكم ما سألتم من نبات الأرض، أي أحببتم بها وضربت عليهم الذلة قيل: ألزموا الذلة، وهو الذل والهوان، وقيل: الجزية، لقوله: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)
مخ ۴۰۸