تهذيب فی تفسیر

حکیم جوشامي d. 494 AH
134

الألف في قوله: ألم أقل ألف تنبيه، كقولك: أما ترى النوم ما أطيبه. لمن يعلم ذلك فهي ألف تنبيه أصلها الاستفهام، وقيل: إنه ألف توبيخ، وليس بوجه؛ لأنه تعالى لا يوبخ ملائكته، ولا أنبياءه، كما لا يذمهم ولا يعاقبهم.

* * *

(المعنى)

ثم بين تعالى ما كان من آدم عند عجز الملائكة فقال تعالى: (قال ياآدم أنبئهم بأسمائهم)

أي أخبرهم بأسماء هذه المسميات فلما أنبأهم يعني أخبرهم آدم بأسمائهم باسم كل شيء ومنافعه ومضاره، قال الله تعالى للملائكة: ألم أقل لكم تقرير عليهم ب إني أعلم غيب السماوات والأرض يعني ما غاب عنهم، وأعلم ما تبدون أي ما تظهرون، وما كنتم تكتمون يعني سرهم وعلانيتهم، عن أبي علي، وهو الوجه. وقيل: أعلم ما تبدون من قولكم: أتجعل فيها من يفسد فيها، (وما تكتمون) بما يضمره إبليس من المعصية والمخالفة وليس بالوجيه؛ لأن الخطاب للملائكة، وليس إبليس منهم، ولأنه عام، ولا يخص إلا بدليل، وقيل: الذي أخفوه أنه لما خلق آدم مرت به الملائكة قبل أن ينفخ فيه الروح، فقالوا: لن يخلق الله خلقا إلا كنا أكرم منه وأفضل، والذي أظهروه قوله: (أتجعل فيها)، عن الحسن، وهذا أيضا تخصيص من غير دليل.

ومتى قيل: كيف يكون رسولا إلى خلاف جنسه، وإلى من هو أفضل منه؟

قلنا: كما جاز إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الجن جاز إرسال آدم إلى الملائكة، ثم آدم رسول إليهم، وهم رسل إلى غيرهم كإبراهيم كان رسولا إلى لوط، ولوط إلى غيره رسولا، فلذلك قال تعالى: (فآمن له لوط)، ولأن ذلك يتبع المصلحة لا الجنس.

* * *

(الأحكام)

الآية تدل على عظيم موقع العلم وموقع النعمة به، فإن الملائكة لما رأوا علم آدم تذللوا له وعظموه، وتدل على أن ذلك كان مصلحة للملائكة أيضا لولا ذلك لما بين لهم.

مخ ۳۲۵