وبعد ما تسامع الناس بالحال الذي وصل إليه الشيخ ، عاتب المقربون من السيد سعيد بن سلطان سيدهم على التقصير في حق عالم كهذا، فندم وتأسف، فدعاه إليه وقربه، وهنا ينتقل الشيخ إلى المرحلة الثالثة.
الفترة الثالثة:
وهي الفترة التي قضاها شيخنا - رحمه الله - بجوار السيد سعيد بن سلطان، واستمرت حتى آخر لحظات حياته سنة 1263ه، فعندما دعا السيد سعيد الشيخ ناصر للوصول إليه بمسقط، حياه وكرمه وعظمه وكساه، وجعل له فريضة معلومة، وبيوتا مستورة، وتزوج له، واصطحبه معه في حضره وسفره، فكان كالمستشار له، ولكون السيد سعيد كان كثير التنقل بين عمان وساحل إفريقيا، كان الشيخ ناصر يتنقل معه، وقد مكثا معا في زنجبار لفترة كانت آخر حياة الشيخ ناصر، ولم تكن فترة قصيرة، ثم توفي بها وهو في حجر السيد وجواره سنة 1263ه (¬1) .
فهذه هي المراحل التي عاشها الشيخ ناصر باختصار شديد، وموجز سريع، وننتقل الآن إلى ذكر أبرز ما تركه الشيخ من آثار علمية في خدمته للعلم والعلماء ، وللإسلام والمسلمين.
*- آثاره العلمية:
بالرغم مما تعرض له شيخنا من محن وإحن في حياته، وما شغله من مدلهمات الحياة، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يجود بعلمه، فكان أن تتلمذ على يديه أحد أبرز الرجال في عصره من بعده ، ألا وهو العلامة المحقق سعيد بن خلفان الخليلي -رحمه الله- (1231-1321ه) (¬2) ، فقد تتلمذ على يديه بعد أن درس على يد بعض أهل العلم، وبعدها انتقل إلى الشيخ ناصر، فكان تلميذا نبيها مجتهدا، سرعان ما ارتقى سلم العلم حتى أصبح عالما نحريرا محققا خبيرا.
¬__________
(¬1) نفس المرجع والصفحة.
(¬2) بحث ضمن كتاب «قراءات في فكر الخليلي»، د/ مبارك بن عبد الله الراشدي، وزارة التراث القومي والثقافة، ط1/ 1414ه- 1994م، ص112.
مخ ۹