المقدمة التحقيقية
نقول بعد حمد الله تعالى كما ينبغي لجلاله، والصلاةِ والسلام علي نبيِّه محمَّدٍ وصحبِه وآله:
فقد شرَّفنا الله تعالى ووفَّقنا في إحراز السَّبق إلى إحياء تراث تاج الدين بهرام الدميري ونشره؛ فاشتغلنا فيما مضى علي حاشية ابن غازي العثماني المعنونة بـ "شفاء الغليل في حلِّ مُقفَل خليل" التي أتمَّ بها الشرح الصغير الذي وضعه الشيخ بهرام على مختصر خليل، فلما فرغنا منه وأخرجناه نظرنا إلى ما وُضِع تتميمًا له، فوجدناه أولى بالعناية والتحقيق، وصادف ذلك همَّةً عالِيَةً من أخينا الشيخ حافظ بن عبد الرحمن خير، الذي سبقنا إلى العمل علي تحقيق ذلك الشرح، فأفرَغ نصفَه من مخطوطته، وعرضَ علينا التعاون لإتمام مهمته، فتوافقت الرغبتان، وعملنا معًا لإخراج الكتاب إلى العيان؛ فحققنا الشرح بعد طول عناء، وأضفنا إليه حاشيته المعنونة بـ "الشفاء".
ثمَّ عاودنا النظر فيما بقي من كتب الشيخ بهرام بعد الشرح الصغير، فانقلب إلينا البصر خاسئًا وهو حسير، حيث وقفنا علي شرحه الوسط المعنون بـ "التحبير"، فوجدنا بعض الطلبة زعموا تحقيقه في جامعة الأزهر الشريف، وأخذوا علي تحقيقهم المزعوم درجات علمية رفيعة، مع أنَّهم لم ينتبهوا ولم يُنبَّهوا من المشرفين علي أعمالهم ولا مناقشيهم الناظرين في أطروحاتهم، إلى أنَّ ما شغلوا أنفسهم بتحقيقه هو الشرح الصغير وليس الوسط، وهذا الخلط العجيب بين الكتب مما لا عُذر لهم فيه ولا لأشياخهم، ولا حجَّةَ لهُم في كون النسخ التي اعتمدوها مبتورةً مقدِّماتُها، لأن نسخ الكتاب كثيرة، والوسط -دون غيرِه من شروح بهرام الثلاثة- مصدَّرٌ بمقدمة علمية فيها التصريح بعنوانه ومنهج مؤلِّفه فيه.
لذلك عقدنا العزم علي أن نعيد للكتاب اعتباره، ونكشف من كلِّ ملبِّسٍ علي القرّاء عُوارَه، فاستخرجنا من خزانة مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث نسخة تامة للكتاب بجزأيه لا ينقصها إلا قدر لوحة في مطلعها، ونسختين لنصفه الأول، وثلاث
1 / 5