باجتهاده لموافقة مراده وفعل الخير قد أمر الله به فقال: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)﴾ (١) فتمثيله في الجود والسخاء هو من فعل الخير إن كان من حلِّه في محله على قدره، وإلا فهو من المنهي عنه، فإن الله لا يقبل صدقة من غلول ولا من ذي الإسراف إن جاوز.
والابتداع المذموم ما كان في الدين وهو قسمان:
ابتداع بزيادة أو نقصان مما شرعه الله وجد الكتاب مسوق لذم الابتداع في الدين، ولذا قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء" وسنته ﷺ كلها دين وطريقته كلها هذا، وما خالفها بزيادة أو نقصان فهو من محدثات الأمور، وقد جعلها قسمًا للسنة وجعلها بدعة، وجعل البدعة ضلالة، وهذا الابتداع في الدين هو الذي ملأ البقاع وعاد به الدين غريبًا يصك منه بالبدع الأسماع، وإنما عظم شأن البدعة، وصارت ضلالة؛ لأنها رد [٥٤ ب/ ج] لقول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ (٢) الآية.
وكقوله: "تركتم على" (٣) "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" (٤) والمبتاع بالزيادة في الدين يقول بلسان حاله: ما كمل الدين، بل نكمله بالابتداع، وليس ما لم يكن عليه أمره ﷺ مردود، بل مقبول والمبتدع بالنقصان لقول ما كمل الدين إلا بالنقص منه، فهذا النقص هو الكمال، ورد الحديث كالأول، ولهذا كثرت الأحاديث في ذم الابتداع والتحذير منه، وأنه لا يقبل لصاحبه عمل، ولنذكر شطرًا من ذلك فهذا محله.