الأشياء ، لجازت الطهارة بخلاف ما أمر الله به من الوضوء بالماء ، لأن خلاف ما بين الماء ، وغيره من الأشياء ، ليس بأكبر (1) في المخالفة من خلاف الصعيد ، للرخام والحديد ، فإن جاز أن يتيمم بخلاف الصعيد جاز أن يتوضأ بما هو مخالف للماء من كل ما كان له مخالفا من لبن أو غيره ، ثم يكون بذلك مؤديا لما عليه من كل عضو وضاه به من تطهيره.
القول في الماء القليل
ومن سأل عمن كان معه ماء قليل لا يكفيه ، ما الذي يجب لله في ذلك من الطهارة عليه؟
قيل : يجب عليه فيما وجد من الماء ، أن يتوضأ به ما كانت له فيه كفاية من الأعضاء ، يبدأ في ذلك بما قلنا من يمنى كفيه ، ثم بالأول فالأول مما يجب في الطهارة عليه ، فإذا أكمل غسل وجهه ويديه وأتمه ، فليس له أن يتمسح من صعيد ولا أن يتيممه ، وإنما له أن يتيمم الصعيد ما لم يكن الماء عنده ، فإذا حضره الماء ووجده ، فإنه يلزمه بوجوده للماء فرض الطهارة به والوضوء ، (2) لأن الله سبحانه فرض الطهارة بالماء إذا وجد على كل عضو ، فما وجد لعضو منها كلها ماء ، لم تكن له بغيره طهارة ولا اكتفاء.
ألا ترى أن الماء في الطهارة أنقى وأرضى ، وأوجب وإن وجدا جميعا فرضا ، لقول الله سبحانه : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) [المائدة : 6] ، فلما وجد الماء لبعضها كان الوضوء به عليه فيه واجبا. ألا ترى أنه لو لم يجد إلى ما فرض الله عليه من الصلاة كلها سبيلا ، لما كان ذلك لما يطيق أن يصليها عنه واضعا ولا مزيلا.
ومن سأل عمن معه بلغة من المسافرين والمرضى ، وهو لا يأمن إن تطهر بها أن يهلك إن هو فعل تلفا وعطبا؟
مخ ۵۱۲