کتاب الطهاره

مرتضی انصاري d. 1281 AH
92

اليقين لأن الظاهر في موارد جميع استحباب الوضوء استحباب الطهارة ورفع الحدث وفيها الوضوء المأتي بها استحبابا عقيب مثل المذي والتقبيل وشبههما مما يستحب الوضوء منه ومنها الوضوء المأتي به للتجديد إذا انكشف سبق الحدث ويلحق به الوضوء المأتي به احتياطا ومنها الوضوء المأتي به استحبابا باعتقاد الحيض فيكشف عدمه وثبوت الأصغر وهنا قسم نلمس وهو ما لو نوى المحدث بالأصغر وضوءا مطلقا ذكره الفاضلان والشهيد في الذكرى مقابلا للوضوء للغايات حتى الكون على الطهارة وحكموا فيه بالبطلان ولم يعلم مراد هم منه ولو أريد به الوضوء المأتي به لا لغاية ولا للكون على الطهارة خرج عن القسم وهو الوضوء المندوب لكونه على هذا الوجه تشريعا محرما ثم الأقسام كلها محل الخلاف وفى المدارك نسب القول المختار إلى المعروف بين الأصحاب بل حكى عن بعض الاجماع وفيه ما لا يخفى على المتتبع فان القول بعدم ارتفاع الحدث بالوضوء لقرائة القران الذي هو أولي الأقسام الأربعة بالصحة قد اختاره جامع المقاصد بعد أن حكى عن الشيخ والحلى وجماعة وفى الروض ان المشهور عدم كفاية التجدد إذا ظهرت الحاجة إليه بل عرفت من الحلى دعوى الاجماع على عدم كفايته الا ان يحمل كلام المجوزين على الوضوء المندوب المشروع ويعترفون بعدم مشروعية الوضوء لعدم نية رفع الحدث ويكون مراد المانعين اعتبار رفع الحدث في صحة بالوضوء المندوب فلا خلاف بينهم المصباح في جواز الدخول في الصلاة بالوضوء المندوب الصحيح الا ان خلافهم في الصحة لكن هذا خلاف ما عرفته سابقا من أن النزاع في ذلك بعد الفراغ عن المشروعية بدون نية رفع الحدث فافهم وكيف كان فما حكاه في المدارك عن بعض الأصحاب من الاجماع على الصحة فلعل منشئه عبارة أخرى للحلى في السرائر حيث قال ويجوز ان يؤدى بالطهارة المندوبة الفرض من الصلاة باجماع أصحابنا انتهى ومن نظر في مساق العبارة المذكورة ولاحظ السرائر ظهر له ولو بقرينة ما تقدم من دعوى الاجماع على الممنوع ان مراده بالطهارة المندوبة هي المأتي بها بنية الندب لصلاة النافلة ونحوها والعبارة المذكورة بعينها ذكرها ابن زهره في الغنية واستدل عليه أيضا الاجماع ثم ذكر ان من خالف في ذلك من أصحابنا فغير معتد به وربما يجعل هذه الفقرة قرينة على إرادة مطلق المندوب نظرا إلى أنه لا خلاف بين أصحابنا ظاهرا في جواز الدخول في الفريضة بالوضوء المأتي به لصلاة النافلة لكن الانصاف ان سياق ظهوره كلامه فيما ذكرنا أقوى من ظهور هذه الفقرة فلا حظ ونظير اجماع الغنية والسراير في الايهام المذكورة ما في التذكرة والمنتهى ففي الأول يجوز ان يصلى بوضوء واحد جميع الصلوات فرايضها وسننها ما لم يحدث سواء كان الوضوء فرضا أم نفلا وسواء توضأ لنافلة أو لفريضة قبل وصول وقتها أو بعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف إما بقاء الحدث فقولان سيأتي تحقيقها انتهى وفى المنتهى بوضوء واحد ما شاء من الصلوات وهو مذهب أهل العلم انتهى ولا يخفى ان مساقهما أجنبي عما نحن فيه وكيف كان فالظاهر أن كثيرا من الأصحاب على خلاف ما استظهره في المدارك منهم وإن كان الأقوى في النظر ما اختاره قده إما في القسم الأول فلان المفروض انه توضأ وضوءا نوى به ما يتوقف على ارتفاع الحدث وهي فضيلة القراءة فلا فرق بينه وبين نية جواز مس كتابة القران وإباحة الدخول في الصلاة وبعبارة أخرى استحباب قرائة القران مرفوع الحدث يدل على استحباب نية رفع الحدث لها في الوضوء فإذا اتى بالوضوء كذلك حصل الغاية المقصودة منه أعني رفع الحدث وهذا معنى ما في المنتهى تبعا للمعتبر من أنه نوى شيئا من لوازمه صحة الطهارة وهو ايقاع القراءة على وجه الكمال ولا يتحقق الا برفع الحدث فيكون رفع الحدث منويا واعترضه في جامع المقاصد بان المفروض نية القراءة لا النية على هذا الوجه المعين إذ لو نواه على هذا الوجه ملاحظا ما ذكر لكان ناويا رفع الحدث فلا يتجه في الصحة اشكال فعلى هذا الأصح في المتنازع فيه البطلان واليه ذهب الشيخ والحلى وجماعة هذا بناء على اعتبار نية الرفع والاستباحة فعلى القول بعدم اعتبارهما في النية فلا اشكال في الصحة انتهى أقول لا يفهم للوضوء بنية قرائة القران معنى غير قصد وقوع القراءة على الوجه الأكمل هو كون القارئ مرتفع الحدث فنية القراءة يرجع إلى نية رفع الحدث نعم لو فرض ان مجرد كون القارئ متوضأ وان لم يرتفع حدثه مستحب فهو وإن كان خلاف المستفاد من أدلة القراءة والكون على الطهارة مع كونه مستلزما لكون استحباب القراءة مرتفع الحدث اكد فيستحب الوضوء بنية رفع الحدث الا ان لما ذكره قده من انفكاك نية القراءة عن نية رفع الحدث على هذا الفرض وجه ويتجه أيضا ما ذكره في الايضاح في وجه عدم صحة هذا الوضوء من أنه يعنى نية القراءة مثلا غير مستلزم لرفع الحدث لان كل ما كان مستلزما للشئ منع اجتماعه مع نقيضه وهنا يمكن اجتماعه مع الحدث حتى يكون ناويه غير ناو لرفع الحدث هذا ولكن المفروض ان المستفاد من الأدلة كون فضيلة القراءة موقوفة على ارتفاع الحدث ثم الكلام في الفرض المذكور وهو ما إذا ثبت استحباب الوضوء لأجل القراءة وان لم يرتفع حدثه داخل في القسم الثاني والحق فيه أيضا ارتفاع الحدث به بناء على أن الوضوء المشروع الواقع من المحدث بالأصغر رافع لحدثه لا محالة ويدل على هذا المبنى وجوه الأول ان الامر بالوضوء في الكتاب والسنة أمر مقدمي يفيد وجوبه للغير وقد أشرنا في الأمر الأول إلى أن اللازم من هذا كون الوضوء في نفسه مقدمة للصلاة رافعا لمانعها و صيرورة هذا منشأ لوجوبه وقد أشرنا إلى الجمع بين هذا وبين عدم كون الوضوء رافعا لمانع الصلاة الا بعد تعلق الامر به واتيانه امتثالا لذلك الامر لكن المناسب لهذا الاستدلال الوجه الأول من وجهي الجمع المتقدمين فراجع ويؤيد ذلك ما ورد في علة الاستحباب الوضوء

مخ ۹۲