کتاب الطهاره

مرتضی انصاري d. 1281 AH
89

واجبة أو طواف واجب كما في عبارة الشرائع والجعفرية أو الوضوء للصلاة والطواف المفروضين كما في عبارة الجامع أو الذي يؤدى بصلاة مفروضة كما في عبارة المراسم ان مجرد وجوب الغاية لا يؤثر في كون الوضوء المأتي به واجبا ولو لم يوجد لأجل تلك الغاية بل الواجب ما وجد لأجل الغاية الواقعة لكن الظاهر أن قوله في الشرائع ما كان للصلاة أي ما ثبت في الشريعة لأجل الصلاة وبهذا الاعتبار يكون واجبا للغير لا ما تحقق في الخارج من المكلف لأجل الصلاة ويدل على ذلك اطلاق قول كلام المحققين فيما بعد ويجب الغسل إذا بقى من طلوع الفجر من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب ولصوم المستحاضة حيث لم يقيداه بصورة إرادة الجنب والمستحاضة صوم ذلك اليوم هذا مع أن جعل الواجب من الوضوء والغسل هو الفرد الموجود في الخارج المنوي به الصلاة لا ينفك عن القول بوجوب نية استباحة الصلاة والحال ان المحقق في الشرايع قايل بعدم وجوب الاستباحة ولا رفع الحدث في الوضوء الواجب واما عبارة الجامع فلم يحضرني حتى انظر فيما قبلها وما بعدها واما عبارة المراسم ففيها مسامحة واضحة لان ما يؤدى به الواجب قد يكون واجبا وقد لا يكون وكذلك ما يؤدى به المندوب ومع أن ظاهر هذه الكلمات معارضة بظهور أكثر كلماتهم في أن وجوب الوضوء لأجل الصلاة وبذلك يكون واجبا للغير ففي المبسوط بعد التقسيم فالواجب هو الذي يجب لاستباحة الصلاة أو الطواف لا وجه لوجوبه الا هذين ونحوها عبارة السرائر وهما صريحان في أن الصلاة غاية لوجوب الوضوء لا ان الوجوب يعرض للوضوء المأتي به لأجل الصلاة فقولهما هو الذي الخ حصر للواجب في قسمين باعتبار غاية الوجوب ونحوهما في جعل الغاية للوجوب عبارات العلامة في كتبه كالقواعد والتحرير والنهاية والارشاد وقد أطال المعاصر المتقدم قدس الله روحه في حمل عبارتي المبسوط والسرائر وما وافقهما على مطلبه بما لا يخلو عن نظر و منع مضافا إلى ما تقدم في عبارة الشرائع من أن اللازم من جعل الواجب هو الفرد المأتي به لأجل الصلاة هو اعتبار نية الاستباحة في الوضوء الواجب فما لم يرد به الصلاة لا يكون واجبا مأمورا به مع أن الشيخ والحلى وصاحب الجامع والعلامة لا يتعين عندهم في الوضوء واجبا كان أو مندوبا قصد الاستباحة بل يكتفون عنه برفع الحدث فتأمل (واما المقام) الثاني فاعلم أن بعض متأخري المتأخرين جوز الوضوء بنية الندب في وقت وجوب المشروط به ولكن ظاهر كلمات أكثر من تقدم انه لا يجوز الوضوء بنية المندب لمن عليه وضوء واجب وان لم يقصد الا غاية يستحب لها الطهارة ولازم ذلك أن مثل هذا يقصد الوجوب ويشكل حينئذ بناء على اعتبار الوجوب غاية حيث إن الداعي ليس وجوب الوضوء بل هو جهة الندب الموجودة الا ان يلتزم بان هذا الذي لا يقصد الاتيان بالواجب المشروط بالطهارة لا يشرع له الوضوء لان الاتيان بغاية الندب غير صحيح لعدم الندب والآتيان به لوجوبه خلاف مقصود الفاعل فالوضوء المندوب عندهم بمنزله صلاة النافلة لمن عليه فريضة ولا يريد الاتيان بها على القول بحرمة التنفل نعم لو اعتقد وجوبه لغاية مندوبة كالتأهب أو لنفسه فصادف وجوبه الواقعي لاشتغال ذمته بغايته وقع منه الوجوب في محلها كما تقدم من الجماعة أو بمنع اعتبار نية الوجه الاعلى وجه التوصيف بان يقصد اتيان هذا الوضوء الواجب عليه لأجل غاية لا يوقعها لها لكن يوقعها لغاية الندب ولا يظن بهم التزامه واما على ما استوجهناه من عدم جواز نية الوجوب الا عند إرادة الواجب المشروط ففي جواز ايقاع الوضوء بنية الندب وجهان مبنيان على جواز اجتماع الوجوب والاستحباب الفعليين في الشئ الواحد والأقوى المنع منه وان جوزناه في غير المقام نظرا إلى وحدة حقيقة الوضوء الواجب والمستحب ولذا لا يجوز الاتيان بأحدهما عقيب الأخر بناء على أن المندوب رافع الحدث فكان مهية رفع الحدث اجتمع فيها جهتا الوجوب والندب نظير اجتماعهما في قتل زيد مثلا وغيره من الأمور الغير القابلة التكرار نعم لو فرضنا المندوب غير رافع كالوضوء للنوم بل مطلق الوضوء المندوب لغاية غير مشروطة برفع الحدث على القول بعدم جواز الدخول به في العبادة جاز اتصافه بالندب لأنه فرد مغاير للفرد الواجب فيصير من قبيل صلاة النافلة في وقت الفريضة على القول بجواز ها ومن هنا يتجه ابتناء ما ذكروه من عدم كون الوضوء في وقت الواجب المشروط به الا واجبا على اتحاد حقيقة الواجب والمندوب حتى يمتنع اتصافه بهما معا وليس تعدد عنوانه من حيث كونها مقدمة لواجب ومقدمة لمستحب مجوزا لذلك لان المفروضة عدم تفاوت العنوانين فيهما عنوانان لشخص واحد وعلى ما ذكرنا من عدم كونه مندوبا بالفعل فهل يجوز الاتيان به لمن لا يريد غاية الوجوب موافقة لجهة ندبه الموجودة فيه بالفعل وان لم يكن الندب موجودا أولا فلا يشرع الوضوء لهذا الشخص لعدم قصدة الواجب المصحح لاتيانه على وجه الوجوب وعدم استحبابه فعلا ليصح الاتيان به على وجه الندب الأقوى الأول إذا القدر اللازم في الامتثال الموجب لاستحقاقه الثواب ملاحظة جهة الطلب الموجودة في الفعل وإن كان نفس الطلب المتفصل بتجويز الترك مفقود الوجود الجهة المانعة من الترك فان فقده على هذا الوجه لا ينافي كون ملاحظة منشأ الاستحقاق الثواب كما هو واضح بملاحظة طريقة العقلاء في مثل المقام فراجع وهذا الوضوء له حكم المندوب وإن كان واجبا لانطباقه على ما أمر به وجوبا وليس من باب اسقاط الواجب بالمستحب ولنشر إلى بعض ما وجدنا من كلمات المتأخرين من المانعين لما تقدم عن الشهيد الثاني و غيره بل نسب إلى المشهور من أن الوضوء لا يكون في وقت العبادة المشروطة به الا واجبا فمنهم صاحب المدارك على ما حكى عنه حيث إنه نسبه ذلك إلى المتأخرين قال ولم يقم دليل على ذلك عندنا ومنهم المحقق المدقق السلطان في حاشية الروضة حيث ذكر عند قول الشهيد لأنه في وقت العبادة الواجبة لا يكون الا واجبا ما لفظه فيه نظر لأنا لا نسلم انه لا يكون في وقت العبادة الواجبة الا الوضوء الواجب لان الوضوء في كل وقت مستحب انتهى

مخ ۸۹