کتاب الطهاره

مرتضی انصاري d. 1281 AH
59

في صدق الاستعمال بالنسبة إلى المغتسل فما دام الماء متردد على العضو لا يحكم باستعماله والا لوجب افراد كل موضع من البدن بماء جديد ولا ريب في بطلانه والاخبار ناطقة بخلافه والبدن كله في الارتماس كالعضو الواحد واما بالنسبة إلى غير المغتسل فصدق الاستعمال بمجرد إصابة الماء للمحل المغسول بقصد الغسل وحينئذ فالمتجه في صورة الارتماس صيرورة الماء مستعملا بالنسبة إلى غير المغتسل بمجرد النية والارتماس وتوقفه بالنظر إليه على الخروج والانتقال وحكم في المنتهى بصيرورته مستعملا بالنسبة إليهما فبل الانفصال والوجه ما ذكرناه انتهى أقول مستمدا من الله ان موضوع المنع في النص هو الماء الذي يغتسل به وفى الفتاوى هو الماء المستعمل رفع الحدث ومن المعلوم ان المراد بهما واحد وهو الماء المستعان به للغسل والمجعول آلة له بعد التوصل به إلى ما قصد الاستعانة عليه فكل جزء قصد تفصيلا أو اجمالا عند صب الماء غسله به والاستعانة به عليه لا يصير الماء قبل استيفائه بالغسل مستعملا لان الممنوع هو استعماله في غير الاستعمال المحقق لموضوع كون الماء مغتسلا به أو مستعملا ومجرد استعماله في الجزء الأول وان كفى وان في صدق كونه مستعملا الا انه ما دام مشتغلا بالاستعمال قاصدا له يعد استعمالا واحدا لا استعمالا اخر للمستعمل بل يمكن التزام ان غرضة غسل المجموع بالمجموع على وجه التوزيع فعند التحقيق هذا الباقي غير مقصود بالاستعمال في الجزء السابق بل صب لغيره وهذا وان لم يلتفت إليه المغتسل تفصيلا الا ان المركوز في ذهنه ذلك وكذا لو قصد غسل موضع بمجموع الماء ثم غسل موضع اخر به فالظاهر أنه مستعمل لأنه قصد استعمال المستعمل لكن يلزم على الالتزام المذكور ان يجوز لغير المغتسل ان يأخذ ما بقى من الماء المصبوب قبل استيفاء غسل ما قصد به غسله به ويستعمله ولا أظن أحدا يلتزم بذلك فالأولى ما ذكرناه أولا من تسليم كون الكل مستعملا في الجزء الأول الا ان استعماله فيما قصد غسله عند الصب من الأجزاء اللاحقة متحد عرفا مع هذا الاستعمال ولا يعد استعمالا اخر للمستعمل ولا فرق فيما ذكرنا بين العضوين والعضو الواحد فلو بقى من رأسه شئ فقصد عند صب الماء ان يغتسل به بقيه رأسه وجانبه الأيمن جاز بل لا فرق بين المنفصل عن البدن والمتصل فلو صب الماء صب على رأسه بقصد غسل مجموع الرأس والرقبة فتساقط بعض الماء من أطراف اذنيه جاز ان يأخذه ويستعمله في غسل أو بقية اذنه لما ذكرنا من أن هذا الجزء الزايد عن غسل محله قصد به غسل الباقي وظهر مما ذكرنا أيضا انه لو صب الماء على البدن بقصد غسل جميع ما يفي المصبوب به من دون تعين للمغسول لم يكن مستعملا وان بلغ إلى ما بلغ لأنه قاصد اجمالا لغسل كل جزء بما يبقى من الماء في بدنه بعد غسل سابقه نعم لو انفصل لم يجز اخذه ويدل عليه ويشير إلى جميع ما ذكرنا رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) اغتسل من الجنابة وغير ذلك في الكنيف الذي سال فيه وعلى نعل سنديه فاغتسل وعلى النعل كما هي فقال إذا كان الماء الذي يستعمل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل قدميك هذا كله إذا اغتسل بالصب والاستعمال إما لو ارتمس تمام بدنه أو بعضه في الماء القليل ففي صدق عنوان المستعمل وما يغتسل به خصوصا في بعض المقامات كما إذا غمس طرف إصبعه في ماء ناقص عن الكر بيسير اشكال فلو ثبت الاجماع المركب كان الماء مستعملا بغمس تمام ما أريد غمسه لا بمجرد غمس بعضه فإذا نوى خارج الماء وارتمس فلا يصير مستعملا الا بعد تمام غسله وان لم يخرج من الماء فإذا أراد بعد الغمس ان ينوى تحت الماء بغسل واجب اخر لم يجز الرابع هل يجوز إزالة النجاسة بهذا الماء أم لا قولان أحدهما المنع وهو ظاهر ما تقدم من المقنعة والوسيلة وموضع من المبسوط وفى التهذيب الجنب حكمه حكم النجس إلى أن يغتسل فمتى لاقي الماء الذي يصح فيه قبول النجاسة فسد انتهى والاخر الجواز وهو للمبسوط أيضا وفى المنتهى وعن فخر الدين انه اجماع والظاهر أن مرادهما اتفاق من نسب إليه المنع في مسألة رفع الخبث وهو خصوص الشيخ لأنهما لم يذكرا جميع من خالف في المسألة أو ان دعويهما مستنبطة من اختصاص دليل المنع بخصوص رفع الحدث كما يظهر من المنتهى وكيف كان فمقتضى الاطلاقات الجواز ولا دليل على المنع عدا ما ربما يتوهم من عموم التوضي في رواية ابن سنان المتقدمة لمطلق التطهير ولو من الخبث فان اطلاق التوضي على الاستنجاء كثير ودعوى ثبوت الحقيقة الشرعية في غير لفظ الوضوء من مشتقات هذه المادة غير ثابتة الا ان الانصاف ظهور صدر الرواية وذيلها في غير رفع الخبث لكن الظاهر شموله للوضوءات المستحبة وفى حثوله لما عدا الرافع منها كوضوء الحايض والجنب فيشمل الأغسال المسنونة بعدم القول بالفصل نظر أقربه ذلك لما تقدم من أن المطلوب في هذه الوضوءات والأغسال على ما يظهر من الأدلة ما أمر به الشارع في رفع الحدث ولذا لا يحتاج إلى الدليل الخاص في احراز سايرا شرايط الغسل و اجزائه فيها الخامس لو اغتسل فاسدا ففي صيرورته مستعملا وجهان من صدق اغتسال الجنب ومن أن العبرة برفع الحدث وعلى الثاني فلو نهى المالك عن رفع الحدث بمائه فارتمس فيه فهل يصير مستعملا وجهان من نهى المالك فيفسد فلا يرتفع الحدث فلا يصير مستعملا كما لو فسد غسله لمفسد اخر ومن انه إذا لم يصر مستعملا فيصح فيرتفع الحدث فيحرم يصح وهكذا ويدفع برجوع النهى إلى رفع الحدث لولا النهى فافهم الثالث في الأسئار بالهمزة بعد السين جمع سؤر وهو لغة كما عن كشف اللثام البقية من كل شئ أو من الطعام والشراب أو خصوص الماء قيل إنه في عرف الفقهاء ماء قليل لاقي جسم حيوان وكانه أراد بيان مرادهم من لفظ السؤر الواقع في باب المياه مقابلا للمطلق والمضاف وهو حق وقد صرح في المقنعة والسرائر كما عن ظاهر جماعة بإرادة هذا المعنى في المقام والأولى ابقاء السؤر حتى في هذا المقام على معناه العرفي واشتراك غيره معه في الحكم الثابت له شرعا من حيث

مخ ۵۹