النجاسة فقد عرفت منعه في مسألة اعتبار الامتزاج وان أريد الاجماع على عدمه مع امتزاج المائين ففيه ان امتزاج فيما نحن فيه غير مؤثر في التطهير والتنجيس باتفاق الكل وان أريد عدم تبعض حكم المائين القليلين ففيه ان نظيره موجود في الماء القليل الوارد على الماء النجس إذا لم يجعله كرا فان الوارد على النجاسة لا ينفعل بمذهب السيد والحلى مع أنه لا يوجب طهارة ما ورد عليه باعترافهما وما اعتذر به بعضهم عن ذلك بأنهم يعتبرون في بقاء الوارد على الطهارة عدم استقراره قد عرفت ما فيه سابقا وكذا الماء الملاقى للماء النجس ولو لم يكن واردا بناء على مذهب العماني ومن تبعه فان الظاهر أنهم لا يقولون بتطهر النجس بمجرد ذلك وان أريد الاجماع على عدم تبعض في نفس هذه المسألة لان العلماء بين قولين ففيه انه لم يثبت الاجماع على بطلان القول الثالث فلا مانع منه إذا اقتضاه القواعد والأصول كما بين في الأصول واما ثانيا فلانه لو سلم الاجماع على الاتحاد كان المسلم منه ذلك مع الامتزاج إذ مع فرض التمايز قد عرفت في تطهير القليل انه لا مانع من تعدد حكم المائين المتواصلين والمفروض ان الامتزاج هنا ملقى وغير مؤثر في التطهير والتنجيس اجماعا والمدعى تأثير مجرد تواصلهما في التطهير واما ثالثا فلانه لا مسرح للأصل مع مفهوم قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ فإنه صادق على الماء المتمم انه قليل لاقي نجسا ودعوى ان ملاقاة القليل لهذا الماء وإن كانت متنجسة بحكم المفهوم الا انها علة لعدم الانفعال لحصول الكرية بمجرد الملاقاة فلا مرجح لاحد معلولي الملاقاة أعني الانفعال على الأخر وهو (عدمه) مدفوعة بان الملاقاة ليست علية لعدم الانفعال بل علة للكرية المانعة من الانفعال وإذا كان الشئ علة تامة للشئ استحال ان يكون علة لمانعه إذ بمجرد وجودها يحصل المعلول فلا مسرح لوجود المانع فلابد من رفع اليد عن مانعيه الكر في هذا المقام وتخصيص مانعيتها بما إذا يحصل بالملاقات بل كانت قبلها وان شئت قلت إن ظاهر الرواية سبق الكرية على الملاقاة ومما ذكرنا يظهر انه لا وجه لمنع كون القليل ملاقيا للنجس إذ بمجرد الملاقاة يزول النجاسة فان الملاقاة بنفسها لا يزيل النجاسة بل باعتبار حدوث الكرية والمفروض ان الملاقاة علة تامة بلا واسطة لتنجس الماء الطاهر فيصير المجموع نجسا (واما) الحديث ففيه أولا ضعف السند ودعوى الحلى اجماع المؤالف والمخالف عليه موهونه بما ذكره المحقق قدس سره من أنه لم يذكره من الخاصة الا جماعة مرسلين له ولم يعمل به من المخالفين الا ابن حي وفى التذكرة ان هذا الخبر لم يثبت عندنا وفى الذكرى انه عامي ولم يعمل به غير ابن حي (واما) الاجماع الذي ادعاه الحلى فهو أيضا قاصر عن جبر سند الخبر لان هذا القول لم يعرف ممن قبل السيد ولا ممن بعده الا جماعة نعم عمل المنكرين الاخبار الآحاد به يوجب جبرا له لكنه لا يبلغ حدا يطرح مع عمومات انفعال الماء القليل وثانيا ضعف دلالته على المدعى فان الظاهر من قوله لم يحمل خبثا بمقتضى كونها جملة فعلية تجدد الحمل وحدوثه فكأنه قال لم يحدث فيه حمل الخبث لأنه ينتفى عنه صفة الحاملية وإن كانت موجودة سابقا فيتحد معناه مع الروايات الصحيحة المشهورة إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ ولذا فسر الشيخ في موضع من التهذيب والاستبصار قوله (ع) إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ بقوله لم يحمل خبثا وذكر أيضا في مسألة ان الجاري لم ينفعل بعد الاستدلال عليه بما دل على جواز البول فيه انه لا يحمل خبثا وثالثا بمعارضته مع ما دل على تنجس القليل بملاقات النجاسة الشامل للقليل المتمم فان تخصيصه بما إذا لم يمكن ملاقاته سببا لبلوغ الكرية ليس بأولى من اطراح هذا الفرد من عموم الرواية إما بحمل قوله (ع) لم يحمل على عدم حدوث النجاسة فيه فلا يشمل عدم بقائه لو كان حادثا من قبل أو بتقييد الماء بالطاهر هذا بناء على اعتبار طهارة المتمم واما من لا يعتبرها فهو وان لم يرد عليه عمومات انفعال القليل لكنه يرد عليه في مقام المعارضة ما دل على نجاسة ما يجتمع في الحمام من غسالة اليهود والنصارى وأولاد الزناء ومن هو شر منهم المعتضد بسيرة المسلمين على الاجتناب عن ما اجتمع من المياه النجسة وعموم قوله (ع) في رواية السكوني الماء يطهر ولا يطهر خرج منه تطهيره بماء معتصم يتصل به أو يمتزج معه وقوله (ع) سبحان الله كيف يطهر من غير ماء واما الثالث فقد أجاب عنه في المعتبر بان الماء المشار إليه نحكم بطهارته لا لان البلوغ كرا يرفع ما ان فيه من النجاسة بل لأنه في الأصل طاهر والنجاسة المشاهدة كما يحتمل ان يكون منجسة لوقوعها قبل الكرية يحتمل ان لا يكون منجسة بان يقع بعد البلوغ فالنجاسة مشكوك فيها فالترجيح بجانب اليقين انتهى فان قلت هذا الماء البالغ كرا الذي يوجد فيه النجاسة لم يكن مسبوقا بالطهارة انما المسبوق بها الماء المتردد بين هذا الكر والأقل منه وقد ثبت من الأدلة مثل قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه وقوله (ع) في الماء الذي يقع فيه النجاسة انه لا يتوضأ منه الا ان يكون كثيرا قدر كر ان ملاقاة الماء للنجاسة مقتضية لتنجسه والكرية مانعة مع أن الكرية شرطا كان للطهارة أو مانعة عن النجاسة أمر وجود ى والأصل القلة فكما ان الماء المشكوك في كرية إذا اصابه نجاسة حكم بنجاسته على ما اعترف به المحقق قده في المعتبر في الفرع التاسع من فروع مسألة القليل مستدلا بان الأصل القلة فكذلك فيما نحن فيه حيث إن الماء الملاقى للنجاسة مشكوك الكرية والقلة فالأصل قلته وهذا الأصل وارد على أصالة طهارة الماء كما في الفرع المذكور قلت إن الملاقاة التي هي سبب للنجاسة لم يحرز وقوعها قبل الكرية فالأصل عدمها قبلها و الحاصل ان هنا حادثين مجهولي التاريخ فيرجع إلى أصالة طهارة الماء وقاعدتها فان المقام حقيق به وأجاب بعض المعاصرين بان الالتزام بعدم طهارة الماء المذكور ليس منكرا فلا يحكم عليه بالطهارة ولا النجاسة فهو لا ينجس الطاهر ولا يطهر النجس كما في المشكوك
مخ ۱۸