في المعلول إلى هذا الحد، فلذلك أكثرنا الوسائط.
قولنا ولماذا؟
قلنا: قول القائل: "يبعد" هذا رجم ظن لا يحكم به في المعقولات إلا أن يقول: إنه يستحيل. فنقول: لم يستحيل؟ وما المرد والفيصل مهما جاوزنا الواحد واعتقدنا أنه يجوز أن يلزم المعلول الأول، لا من جهة العلة، لازم واثنان وثلث؟ فما المحيل لأربع وخمس وهكذى إلى الألف؟ وإلا فمن يتحكم بمقدار دون مقدار؟ فليس بعد مجاوزة مرد، الواحد، وهذا أيضًا قاطع.
عن تلك الكواكب صدر المعلول الثاني ..
ثم نقول: هذا باطل بالمعلول الثاني فإنه صدر منه فلك الكواكب وفيه ألف ونيف ومئتا كوكب، وهي مختلفة العظم والشكل والوضع واللون والتأثير والنحوسة والسعادة، فبعضها على صورة الحمل والثور والأسد وبعضها على صورة الإنسان، ويختلف تأثيرها في محل واحد من العالم السفلي في التبريد والتسخين والسعادة والنحوس، وتختلف مقاديرها في ذاتها.
ففيه أنواع من العلل
فلا يمكن أن يقال: الكل نوع واحد مع هذا الاختلاف، ولو جاز هذا أن يقال: كل أجسام العالم نوع واحد في الجسمية فيكفيها علة واحدة. فإن كان اختلاف صفاتها وجواهرها وطبائعها دل على اختلافها فكذى الكواكب مختلفة لا محالة، ويفتقر كل واحد إلى علة لصورته وعلة لهيولاه وعلة لاختصاصه بطبيعته المسخنة أو المبردة أو المسعدة أو المنحسة ولاختصاصه بموضعه ثم لاختصاص جملها بأشكال البهائم المختلفة. وهذه الكثرة إن تصور أن تعقل في المعلول الثاني تصور في الأول ووقع الاستغناء.
إن بيان العلل التي ذكرتموها لمما يضحك منها
الاعتراض الخامس هو أنا نقول: سلمنا هذه الأوضاع الباردة والتحكمات الفاسدة ولكن كيف لا تستحيون من قولكم: إن كون المعلول الأول ممكن الوجود اقتضى وجود جرم الفلك الأقصى منه، وعقله نفسه اقتضى وجود نفس الفلك منه، وعقله الأول يقتضي وجود عقل منه؟ وما الفصل بين هذا وبين قائل عرف وجود إنسان غائب وأنه ممكن الوجود وأنه يعقل نفسه وصانعه فقال: يلزم من كونه ممكن الوجود وجود
1 / 152