[149] ولما وضعوا ان الجسم السماوى مكون وضعوه على غير الصفة التى تفهم من الكون فى الشاهد وهو ان يكون من شىء وفى زمان ومكان وفى صفة من الصفات لا فى كليته فانه ليس فى الشاهد جسم يتكون من لا جسم ولا وضعوا الفاعل له كالفاعل فى الشاهد وذلك ان الفاعل الذى فى الشاهد انما فعله ان يغير الموجود من صفة الى صفة لا ان يغير العدم الى الوجود بل يحوله اعنى الموجود الى الصورة والصفة النفسية التى ينتقل بها ذلك الشىء من موجود ما الى موجود ما مخالف له بالجوهر والحد والاسم والفعل كما قال الله تعالى ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة الآية ولذلك كان القدماء يرون أن الموجود باطلاق لا يتكون ولا يفسد فلذلك اذا سلم لهم ان السماوات محدثة لم يقدروا ان يبينوا انها أول المحدثات وهو ظاهر ما فى الكتاب العزيز فى غير ما آية مثل قوله تعالى أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا الآية وقوله سبحانه وكان عرشه على الماء وقوله سبحانه ثم استوى الى السماء وهى دخان الآية .
[150] واما الفاعل عندهم فيفعل مادة المتكون وصورته ان اعتقدوا ان له مادة أو يفعله بجملته ان اعتقدوا انه بسيط كما يعتقدون فى الجوهر الذى لا يتجزا وان كان ذلك كذلك فهذا النوع من الفاعل انما يغير العدم الى الوجود عند الكون أعنى كون الجوهر الغير المنقسم الذى هو عندهم اسطقس الاجسام او يغير الوجود الى العدم عند الفساد أعنى عند فساد الجزء الذى لا يتجزا وبين انه لا ينقلب الضد الى ضده فانه لا يعود نفس العدم وجودا ولا نفس الحرارة برودة ولكن المعدوم هو الذى يعود موجودا والحار باردا والبارد حارا ولذلك قالت المعتزلة ان العدم ذات ما الا انهم جعلوا هذه الذات متعرية من صفة الوجود قبل كون العالم .
مخ ۲۲۲