90

تفسیر السمعاني

تفسير السمعاني

پوهندوی

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

خپرندوی

دار الوطن

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

د خپرونکي ځای

الرياض - السعودية

﴿عَذَاب أَلِيم (١٠٤) مَا يود الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَلَا الْمُشْركين أَن ينزل عَلَيْكُم من خير من ربكُم وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل﴾ فَلَمَّا سَمعه الْيَهُود فرحوا بِهِ؛ حَيْثُ رَأَوْهُمْ يَسُبُّونَهُ وَلَا يعلمُونَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك للنَّبِي مُوَافقَة للْمُسلمين فِي الظَّاهِر، وَيضْحَكُونَ فِيمَا بَينهم، إِنَّا نسبه وهم لَا يعلمُونَ؛ فَنزل قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تَقولُوا رَاعنا وَقُولُوا أنظرنا﴾ وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْلهم " رَاعنا " كَانَ فِيهِ جفوة وخشونة؛ لِأَن حَقِيقَته فرغ سَمعك لكلامنا حَتَّى تفهم، وَفِي هَذَا نوع جفَاء؛ فَنزل قَوْله: ﴿لَا تَقولُوا رَاعنا وَقُولُوا انظرنا﴾ حَتَّى يَقُولُوا مَا يَقُولُوا على طَرِيق التبجيل وَالْمَسْأَلَة. ويختاروا من الْأَلْفَاظ أحْسنهَا وَمن الْمعَانِي أحكمها.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا يود الَّذين كفرُوا﴾ أَي: مَا يحب، والود: الْحبّ. وَمعنى الْآيَة: أَن الْأَنْبِيَاء قبله بعثوا من ولد إِسْحَاق، فَلَمَّا بعث النَّبِي من ولد إِسْمَاعِيل؛ لم يَقع ذَلِك بود الْيَهُود ومحبتهم. وَأما الْمُشْركُونَ فَإِنَّمَا لم تقع نبوته بودهم، لِأَنَّهُ جَاءَ بتضليلهم، وعيب آلِهَتهم، فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا يود الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَلَا الْمُشْركين أَن ينزل عَلَيْكُم﴾ يَعْنِي عَلَيْك يَا مُحَمَّد. ذكر الْوَاحِد بخطاب الْجمع على مَا هُوَ عَادَة الْعَرَب ﴿من خير من ربكُم﴾ يَعْنِي النُّبُوَّة. ﴿وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَأكْثر الْمُفَسّرين: الرَّحْمَة بِمَعْنى النُّبُوَّة هَاهُنَا. وَقيل: بِمَعْنى الْإِسْلَام. وَالْهِدَايَة إِلَيْهِ. ﴿وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم﴾ الْفضل [ابْتِدَاء] إِحْسَان بِلَا عِلّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا ننسخ من آيَة﴾ قَرَأَ ابْن عَامر " مَا ننسخ " بِضَم النُّون وَكسر السِّين وَمَعْنَاهُ مَا تَجدهُ مَنْسُوخا وَهُوَ مثل قَوْلهم: أحمدت فلَانا. أَي: وجدته مَحْمُودًا، وأبخلت فلَانا. أَي. وجدته بَخِيلًا. الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة ﴿مَا ننسخ﴾ على الْفَتْح.

1 / 120