285

تفسیر السمعاني

تفسير السمعاني

ایډیټر

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

خپرندوی

دار الوطن

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

د خپرونکي ځای

الرياض - السعودية

﴿فنادته الْمَلَائِكَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب أَن الله يبشرك بِيَحْيَى مُصدقا بِكَلِمَة من﴾
الذُّرِّيَّة.
﴿إِنَّك سميع الدُّعَاء﴾
﴿فنادته الْمَلَائِكَة﴾، وَيقْرَأ: " فناداه الْمَلَائِكَة " بِالْألف وَاخْتلفُوا فِي المنادى، مِنْهُم من قَالَ: كَانَ جِبْرِيل. وَمِنْهُم من قَالَ: جمع من الْمَلَائِكَة ﴿وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب أَن الله يبشرك﴾ يقْرَأ " أَن " بِكَسْر الْألف وَفتحهَا، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ، فتقديره: فنادته الْمَلَائِكَة وَقَالُوا: إِن الله يبشرك، وَمن قَرَأَ بِالْفَتْح، فَهُوَ على النسق، ﴿يبشرك﴾ يقْرَأ مخففا ومشددا، وهما فِي الْمَعْنى سَوَاء.
والبشارة: خبر سَار يظْهر أَثَره على بشرة الْوَجْه، ﴿يبشرك بِيَحْيَى﴾ سَمَّاهُ يحيى قبل أَن يُولد، ﴿مُصدقا بِكَلِمَة من الله﴾ قيل: مُصدقا بِكِتَاب الله وَكَلَامه. وَقيل: مَعْنَاهُ مُصدقا بِعِيسَى، وَهُوَ كلمة الله فَإِن قَالَ قَائِل: " كلمة الله " لَا يكون مخلوقا، وَقد أَنْكَرْنَا على النَّصَارَى قَوْلهم: " الْمَسِيح ابْن الله "، وَقَوْلهمْ: " إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة "، فَكيف نَعْرِف أَن عِيسَى كلمة الله؟ قيل: فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال:
أَحدهمَا: أَنه كلمة الله على معنى: أَنه يكون بِكَلِمَة من الله حَيْثُ قَالَ لَهُ: " كن فَكَانَ "، من غير سَبَب وَلَا عِلّة، وصنع بشر وإلقاء نُطْفَة.
الثَّانِي: أَنه كلمة الله على معنى: أَنه يهتدى بِهِ، كَمَا يهتدى بِكَلَام الله.
وَالثَّالِث: أَن الله تَعَالَى كَانَ قد أخبر سَائِر الْأَنْبِيَاء، وَوَعدهمْ فِي كتبه أَنه يخلق نَبيا بِلَا أَب، ووعد مَرْيَم أَنه يُولد لَهَا ولد بِلَا أَب، فَلَمَّا تكون عِيسَى سَمَّاهُ كلمة؛ لِأَنَّهُ حصل بِتِلْكَ الْكَلِمَة، وَذَلِكَ الْوَعْد، وَهُوَ كَمَا تَقول الْعَرَب: أَنْشدني كلمتك، أَي: قصيدتك، وَقيل لحسان: إِن الحوديرة أنشأ قصيدة، فَقَالَ: لعن الله كَلمته، أَي:

1 / 315