﴿اصطفيناه فِي الدُّنْيَا وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين (١٣٠) إِذْ قَالَ لَهُ ربه أسلم قَالَ أسلمت لرب الْعَالمين (١٣١) ووصى بهَا إِبْرَاهِيم بنيه وَيَعْقُوب يَا بني إِن الله﴾ عِيسَى، والمسيح.
﴿يَتْلُو عَلَيْهِم آياتك﴾ يَعْنِي من الْقُرْآن ﴿وَيُعلمهُم الْكتاب﴾ الْقُرْآن ﴿وَالْحكمَة﴾ فِيهَا أَقْوَال:
قيل: الْحِكْمَة فهم الْقُرْآن، وَقَالَ أَبُو بكر بن دُرَيْد صَاحب الجمهرة: الْحِكْمَة كل كلمة زجرتك ووعظتك ونهتك عَن قَبِيح، ودعتك إِلَى حسن، وَقيل: الْحِكْمَة الْفِقْه. وَهَذَا قَول حسن.
﴿ويزكيهم﴾ أَي: يطهرهم، ويجعلهم أزكياء طهرة. وَفِيه قَول آخر: أَنه بِمَعْنى التَّزْكِيَة. يشْهد الرُّسُل بِالنُّبُوَّةِ من سَائِر الْأُمَم وَذَلِكَ أَن مؤمني سَائِر الْأُمَم شهدُوا للرسل بِالنُّبُوَّةِ وتبليغ الرسَالَة فَهَذِهِ الْأمة تزكّى أُولَئِكَ الشُّهُود.
﴿إِنَّك أَنْت الْعَزِيز﴾ قيل: هُوَ الْمُمْتَنع، وَالله مُمْتَنع لَا تناله الْأَيْدِي، وَلَا يصل إِلَيْهِ شَيْء. وَقيل: هُوَ الْقوي الْغَالِب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وعزني فِي الْخطاب﴾ أَي: غلبني.
وَيُقَال فِي الْمثل: " من عز بز " أَي: من غلب سلب ﴿الْحَكِيم﴾ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يرغب عَن مِلَّة إِبْرَاهِيم﴾ أَي: طَريقَة إِبْرَاهِيم ﴿إِلَّا من سفه نَفسه﴾ حكى أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ: أهلك نَفسه.
وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ جهل نَفسه، وكل سَفِيه جَاهِل، وَذَلِكَ أَن من جهل نَفسه لم يعرف الله.
وَفِي الْأَخْبَار: أَن الله تَعَالَى أوحى إِلَى دَاوُد: اعرف نَفسك واعرفني. فَقَالَ