وكما أن فى الحيوان أعضاء متشابهة الأجزاء، كذلك فى النبات أيضا. وكل جزء من أجزاء النبات نظير لعضو من أعضاء الحيوان، لأن قشر النبات نظير لجلد الحيوان، وأصل النبات نظير لحم الحيوان، والعقد التى فيه نظيرة لأعصاب الحيوان، وكذلك سائر الأشياء التى فيه. وكل جزء من هذه الأجزاء تتجزأ على جهة الأجزاء متشابهة، وتتجزأ لأجزاء غير متشابهه (لأن الطين يتجزأ على جهة التراب فقط، ويتجزأ على جهة الماء والتربة؛ واللحم يتجزأ فتصير أجزاؤه لحما، وهو يتجزأ على جهة أخرى للاستقصات والأصل). وليس تنقسم اليد ليد أخرى، ولا الأصل لاٴصل آخر، ولا الورق للورق؛ ولكن فى الأصل والورق تركيب. وأما الثمار فمنه ما هو مركب من أجزاء يسيرة، ومنه ما هو مركب من أجزاء كثيرة مثل الزيتون، لأن الزيتون 〈ذو〉 أربع طبقات: جلده، ولحمه، ونواه، وبزره. ومن الثمار ما هو ذو ثلاث طبقات. وجميع البزور هى ذات قشرين. وأجزاء النبات هى ما وصفنا. وجملة القول أن تحديد أجزاء النبات وجميع طبقاته واختلاف طبائعه شديدة، لا سيما حدود قوامه ولونه ووقت بقائه والآلام العارضة عليه. وليس للنبات أخلاق النفس، ولا فعل مثل الحيوان. وإن قسنا أجزاء الحيوان بأجزاء النبات طال كلامنا، ولعلنا لا نسلم فى صفتنا لأجزاء النبات من الاختلاف الكثير، لأن جزء الشىء هو من جنسه وجوهره الخاص؛ وإذا تكون بقى على حاله أبدا، إلا أن يسقط عن حاله بسبب مرض أو زمانة أو هرم. ومن زهر النبات وفقاحه وورقه وثماره ما يكون فى كل سنة، ومنه ما لا يكون فى كل سنة ولا يبقى مثل القشور. والجرم الساقط من الشىء يرميه ويسيبه، وليس ذلك فى النبات: لأنه قد يسقط من النبات أجزاء كثيرة فينبت بدلها، إما فوق مكانها وإما أسفله.
مخ ۲۵۲