وما وقعت هذه الاختلافات إلا فى مواضعها؛ لأن معرفة الشىء المتوسط بين الحياة وعدمها صعب جدا. ولعل قائلا يقول: إن كان النبات ذا حياة فهو حيوان. وقد يصعب علينا أن نوجد للنبات رئيسا سوى رئيس حياة الحيوان. فأما الذى يدفع أن يكون حيا 〈لأنه〉 لا حس له، فقد نجد فى الحيوان 〈ما〉 لا معرفة له ولا عقل. على أن الطبيعة مهلكة لحياة الحيوان بالموت، ومثبتة لأجناسه بالتولد والتناسل. ومع هذا فانه بشع أن نضع بين ما لا نفس له وبين ما له نفس شيئا يتوسطهما. نحن نعلم أن خراطيم الماء والأصداف حيوان لا معرفة له ولا عقل، وأنه نبات وحيوان. فما الذى حمل الناس على أن سموه حيوانا إلا لسبب الحس فقط؟ وذلك أن للأجناس أن تعطى أسماءها وحدودها، فأما الأنواع فلا تعطى أنواعها إلا أسماءها فقط، وينبغى أن يكون الجنس من أجل سبب واحد، وألا يكون من أجل أسباب كثيرة. ووجود السبب الذى من أجله صح الجنس صعب جدا. ومن الحيوان حيوان ليس له أنثى، ومنه ما ليس له نتاج، ومنه ما لا حركة له، ومنه ما هو متلون مختلط، ومنه ما يلد ما لا يشبهه، ومنه مما ينمو.
مخ ۲۴۶