وحمل جميع الأشجار على ثلاثة: إما أن يكون حمله قبل ورقه، وإما أن يكون حمله مع ورقه، وإما أن يكون حمله بعد ورقه. ومن النبات ما لا حمل له ولا ورق، ومن النبات ما يطلع حسنا لا حمل فيه ولا ورق كالساج والخيزران. وسأبين هذه الثلاثة أفاعيل: أما الذى يطلع ثمره قبل ورقه فانه كثير اللزوجة، فاذا طبخت بالحرارة التى فى طبيعة النبات أسرع النضج وامتد وعلا فى أغصان النبات ومنع الرطوبة أن تصعد منه فيسبق ثمره ورقه. وكذلك فى النبات الذى يطلع ورقه قبل ثمره. فأفعال الرطوبات تكون فى ذلك النبات كثيرة. فاذا أخذت الحرارة وتفرقت أجزاء الماء إلى العلو جذبت الشمس أجزاء تلك الرطوبة وأبطأ النضج، لأن طبخ الثمرة لا يكون إلا عند انعقاده فيسبق الورق الثمر. فأما النبات الذى يكون ورقه مع ثمره فان ذلك النبات كثير الرطوبة، وقد تعرض له اللزوجة، فاذا طبخته الحرارة تعلى عن ذلك مع تلك اللزوجة وجذبه الهواء مع الشمس فخرجت اللزوجة ثمرا أو خرجت الرطوبة ورقا فى حالة واحدة. وقد زعم حكماء الأولين أن الورق كله ثمر، إلا أن الرطوبة كثرة فلم ينضج وبنعقد لظهور الحرارة إلى العلو وسرعة جذب الشمس فاستحالت الرطوبة التى لم تنضج ولم يعمل فيها الطبخ — ورقا؛ وليس للورق معنى أكثر من جذب المواد وستر الثمر عن إفراط الشمس، ولذلك يجب أن يكون الورق ثمرا، إلا أن الرطوبة تغلب عليه، كما أوضحنا، فيستحيل ورقا. وكذلك الحكم فى الأزهار: فقد تعدم الحمل لأن الطبيعة إذا طبخت تراقى من اللطيف الأدنى شىء لم ينضج فتكون تلك الرطوبة ورقا، ويكون ذلك الطبخ زهرا، فاذا نضج الطبخ نشأ الثمر وخرج إلى غاية المادة على سبيل الموضع الذى هو فيه.
فأما الشوك فليس هو من جنس النبات فى الطبيعة، ولكن يكون فى النبات تخلخل ويكون فى الابتداء طبخ فتصعد البرودة والرطوبة ومعها شىء من طبخ، فتسلك فى ذلك التخلخل فتجذبه فى شمس فيكون من ذلك الشوك، ولذلك يكون شكله مخروطا لأن الجذب أولا فأولا يبتدىء رقيقا، ويغلظ أولا فأولا، لأن الهواء إذا تباعد النبات فيه لطفت أجزاؤه عند امتداد المواد. وكذلك كل نبت أو شجرة يكون طرفه مخروطا.
[chapter 8]
مخ ۲۷۵