300

وكنت كذي رجلين رجل صحيحة

ورجل رمى فيها الزمان فشلت

فإن جعلت أو بمعنى الواو جاز.

{ بعضكم من بعض } معناه تبيين شركة النساء مع الرجال فيما وعد الله به عباده العاملين.

{ فالذين هاجروا } روى أن أم سلمة قالت: يا رسول الله قد ذكر الله الرجال في الهجرة ولم يذكر النساء في شيء من ذلك.

فنزلت هذه الآية. والذين: مبتدأ خبره جملة القسم المحذوفة التي جوابها لأكفرن وفي هذا حجة على إبطال مذهب ثعلب في زعمه إن جملة القسم لا تكون خبرا للمبتدأ وبدأ أولا بالخاص وهي الهجرة وهي أشق شيء على النفس إذ فيها مفارقة الوطن الذي نشأ فيه حيث لم يمكنه إقامة دين الله فهاجر إلى المكان الذي يمكن فيه ذلك وهي المدينة وثنى بما ينشأ عنه ما هو أعلم من الهجرة وهو الإخراج من الديار وقد يخرج إلى الهجرة إلى المدينة أو إلى غيرها، كخروج من خرج إلى الحبشة، وكخروج أبي جندل إذ لم يترك يقيم بالمدينة. وأتى ثالثا بذكر الاذاية وهي أعم من أن يكون بإخراج من الديار أو غير ذلك من أنواع الأذى، وارتقى بعد هذه الأوصاف السنية الى رتبة جهاد من أخرجه ومقاومته واستشهاده في سبيل الله، فجمع بين رتب هذه الأعمال من تنغيص أحواله في الحياة لأجل دين الله بالمهاجرة وإخراجه من داره وإذايته في الله ومآله أخيرا إلى افنائه بالقتل في سبيل الله والظاهر الاخبار عمن جمع هذه الأوصاف كلها بالخبر الذي بعد ويجوز أن يكون ذلك من باب عطف الصلات والمعنى اختلاف الموصول لاتحاده فكأنه قيل: فالذين هاجروا، والذين أخرجوا، والذين أوذوا، والذين قاتلوا، والذين قوتلوا، ويكون الخبر عن كل من هؤلاء. وقرىء وقاتلوا مبنيا للفاعل وقتلوا مبنيا للمفعول. وقرىء بالعكس.

{ ثوابا من عند الله } انتصب ثوابا على المصدر المؤكد وإن كان الثواب هو المثاب به كما كان العطاء هو المعطي واستعمل في بعض المواضع بمعنى المصدر الذي هو الإعطاء فوضع ثوابا موضع إثابة أو موضع تثويبا لأن ما قبله في معنى لأثيبنهم ونظيره صنع الله ووعد الله. وفي قوله: من عند الله التفات وهو خروج من ضمير المتكلم إلى الاسم الغائب.

{ لا يغرنك } الخطاب للسامع والذين كفروا عام وتقلبهم في البلاد سعيهم فيها لكسب الأموال والجاه والرتب. وقرىء بتشديد النون وتخفيفها.

{ متاع قليل } خبر مبتدأ محذوف أي ذلك متاع قليل أو مبتدأ محذوف الخبر تقديره متاع قليل تقلبهم وتصرفهم والمأوى مفعل يراد به المكان الذي يأوي إليه ويرجع يعني في الآخرة. والمخصوص بالذم محذوف تقديره وبئس المهاد جهنم. قيل: ونزلت هذه الآية في اليهود كانوا يضربون في الأرض فيصيبون الأموال: قاله ابن عباس.

{ لهم جنات } قابل جهنم بالجنات وقابل قلة متاعهم بالخلود الذي هو الديمومة في النعيم، فوقعت لكن أحسن مواقعها لأنه آل معنى الجملتين إلى تعذيب الكفار وإلى تنعيم المتقين، فهي واقعة بين الضدين، النزل ما يعد للنازل من الضيافة والقرى. ويجوز تسكين زايه. وقرىء به وانتصب نزلا على أنه حال من جنات وهي موصوفة بقوله: تجري وخيرا فعل تفضيل أي خير لهم مما كانوا فيه في الدنيا.

ناپیژندل شوی مخ