{ إن يمسسكم قرح } المعنى ان نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم يوم بدر ثم لم يضعفوا إن قاتلوكم بعد ذلك فلا تضعفوا أنتم أو فقد مس القوم في غزوة أحد قبل مخالفة مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوه وهذه تسلية منه تعالى للمؤمنين. والتأتي فيه أعظم مسلاة. وقرىء أن تمسسكم بالتاء وبالياء فبالتاء على تأنيث القرح بمعنى الجراحة. وقرىء قرح بفتح القاف وضمها مع سكون الراء. وقرىء قرح بفتح القاف والراء وهما لغتان. وبفتح القاف وضمها مع سكون الراء. كالطرد والطرد.
{ وليمحص } التمحيص التطهير من الذنوب وقيل الابتلاء والاختبال.
{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة } هذه الآية وما بعدها عتب شديد لمن وقعت منهم الهفوات يوم أحد واستفهم على سبيل الانكار أن يظن أحد أنه يدخل الجنة وهو فحل بما افترض عليه من الجهاد والصبر عليه.
{ ولما يعلم الله } جملة حالية. والمعنى: ولما يكن جهاد يعلمه الله تعالى. وقال الزمخشري: ولما بمعنى لم إلا أن فيه ضربا من التوقع فدل على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل، وتقول: وعدني أن يفعل كذا ولما تريد ولم يفعل وأنا متوقع فعله. انتهى كلامه. وهذا الذي قاله في لما انها تدل على توقع الفعل المنفي بها فيما يستقبل لا أعلم أحدا من النحويين ذكره بل ذكروا أنك إذا قلت: لما يخرج زيد، دل ذلك على انتفاء الخروج فيما مضى متصلا نفيه إلى وقت الاخبار أما أنها تدل على توقعه في المستقبل فلا. وقرىء ولما يعلم الله بفتح الميم وخرج على أنه اتباع لفتحة اللام أو على أنه دخلته النون الخفيفة وحذفت كما حذفت في قوله: لا تهين الفقير فأصله يعلمن وتهينن أو على أنه نصب بالجازم وهي لغية كما جزموا بالناصب في قوله:
لن يخب الآن من رجائك من
حرك من دون بابك الحلقه
وقرأ الجمهور ويعلم بفتح الميم فقيل: هو مجزوم واتبع الميم اللام في الفتح كقراءة من قرأ ولما يعلم بفتح الميم على أحد التخاريج. وقيل: هو منصوب فعلى مذهب البصريين بإضمار إن بعد واو مع نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن وعلى مذهب الكوفيين بواو الصرف. وقرىء ويعلم بكسر الميم عطفا على ولما يعلم. وقرىء ويعلم برفع الميم. قال الزمخشري على أن الواو للحال كأنه قيل: ولما تجاهد واو وأنتم صابرون. انتهى. ولا يصح ما قال لأن واو الحال لا تدخل على المضارع المثبت لا يجوز: جاء زيد ويضحك، وأنت تريد جاء زيد يضحك، لأن المضارع واقع موقع اسم الفاعل فكما لا يجوز: جاء زيد وضاحكا، كذلك لا يجوز: جاء زيد ويضحك، فإن أول على أن المضارع خبر مبتدأ محذوف أمكن ذلك التقدير وهو يعلم الصابرين.
[3.143-150]
{ ولقد كنتم تمنون الموت } الآية الخطاب للمؤمنين وظاهره العموم والمراد الخصوص وذلك أن جماعة من المؤمنين لم يحضروا غزوة بدر إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج مبادرا يريد عبر القريش فلم يظنوا حربا وفاز أهل بدر بما فازوا به من الكرامة في الدنيا والآخرة فتمنوا لقاء العدو ليكون لهم يوم كيوم بدر وهم الذين حرضوا على الخروج لأحد، فلما كان في يوم أحد ما كان من قتل عبد الله بن قميئة مصعب بن عمير الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظانا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قتلت محمدا وصرخ صارخ وفشا ذلك في الناس انكفوا فآرين، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: الي عباد الله حتى انحازت إليه طائفة واستعذروا في انكفائهم بأنه أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين، فنزلت هذه الآية بلومهم على ما صدر منهم مع ما كانوا قرروا مع أنفسهم من تمني الموت. وقرأ البزي: كنتم تمنون بشد التاء في حروف محصورة ذكرها القراء في كتبهم.
{ من قبل أن تلقوه } هو على حذف مضاف تقديره أن تلقوا أسبابه.
ناپیژندل شوی مخ