وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} لأن الإيمان الحقيقي يقتضي العمل بالصالحات دون المفسدات، والصالحات كل ما استقام من الأعمال بدليل العلم، قال معاذ: «العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص»؛ {أن لهم جنات} تنكيرها أن الجنة اسم لدار الثواب كلها، وهي مشتملة على جنان كثيرة، مرتبة مراتب بحسب أعمال العاملين، لكل طبقة منهم جنات من تلك الجنان؛ والجنة البستان الذي فيه أشجار مثمرة، سميت بها لاجتنانها وتسترها بالأشجار، {تجري من تحتها الأنهار}: الماء الجاري من النعمة العظمى، ولذا قرن الجنات بذكر الأنهار الجارية، وقدمه على سائر نعوتها، {كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل} من قبل في الدنيا؛ وقيل: الثمار في الجنة متشابهة في اللون مختلفة في الطعم، فإذا رزقوا ثمرة بعد أخرى ظنوا أنها الأولى، فإذا طعموا منها وجدوها على غير صفة الأولى، كما قال: {وأتوا به متشابها} في اللون مختلفا في الطعم، وقيل: يشبه بعضها بعضا في الجودة وكلها خيار لا رذالة فيها؛ وقيل: تشبه ثمرة الدنيا غير أنها أطيب؛ وقيل: متشابها في الاسم مختلفا في الطعم؛ قال ابن عباس: «ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسامي»، {وأوتوا به متشابها ولهم فيها (¬1) أزواج مطهرة} من مساوئ الأخلاق وسائر الأقذار والأنجاس، {وهم فيها خالدون(25)} الخلد: البقاء الدائم الذي لا ينقطع، ولذا قيل: يرسل الله إلى عباده في الجنة كتابا فيه بشارة البقاء من الحي الذي لا يموت إلى الحي الذي لا يموت.
{
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: + «فيها»، وهو خطأ.
مخ ۳۰