ويمدهم} يمهلهم {في طغيانهم} في غلوهم وكفرهم {يعمهون(15)} أي: يعمهون ويترددون، والعمه محرك تردد في الضلال، والتحير في منازعة أو طريق، لا يعرف الحجة.
{أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} أي استبدلوها به، واختاروها عليه، وفيه دليل على جواز البيع تعاطيا، لأنهم لم يتلفظوا بلفظ الشراء، ولكن تركوا الهدى بالضلالة [6] عن اختيار، وسمى ذلك شراء (¬1) ، فصار دليلا على أن من أخذ شيئا من غيره وترك عوضه برضاه فقد اشتراه وإن لم يتكلم به. وضلالة (¬2) : الجور عن القصد، [و]فقد (¬3) الاهتداء، يقال: ضل منزله، واستعير للذهاب عن الصواب في الدين، {فما ربحت تجارتهم} الربح الفضل على رأس المال، والتجارة صناعة التاجر، وهو الذي يبيع ويشتري للربح، {وما كانوا مهتدين(16)} لطريق التجارة، كما يكون التجار المتصرفون العالمون بما يرشح بربح فيه ويخسروا، والمعنى أن مطلوب التجار سلامة رأس المال والربح، وهؤلاء قد أضاعوها (¬4) ، فرأس مالهم الهدى، ولم يبق لهم مع الضلالة، وإذا لم تبق لهم إلا الضلالة لم يوصفوا بإصابة الربح وإن ظفروا بالأعراض الدنيوية، لأن الضال خاسر، ولأنه لا يقال لمن لم يسلم له رأس ماله: قد ربح.
{مثلهم كمثل الذي استوقد نارا} لما جاء بحقيقة صفتهم عقبها بضرب المثل زيادة في الكشف، وتتميما للبيان، ولضرب الأمثال في إبراز خفيات المعاني، ورفع الأستار عن الحقائق، بائير (¬5) ظاهر، ولقد كثر في الكتب السماوية ومن سور الإنجيل سورة الأمثال، والمثل في أصل كلامهم هو، وهو [كذا] النظير؛ يقال: مثل ومثل.
{
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: «شرى».
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الأصوب: «والضلالة».
(¬3) - ... في الأصل: «ققد»، وهو خطأ.
(¬4) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «أضاعوهما».
(¬5) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «بأسلوب»، أو «بتعبير» حسب ما يتبادر من السياق.
مخ ۲۱