{ ومن الناس من يعجبك} يروقك ويعظم في قلبك، ومنه “الشيء العجيب” الذي يعظم في النفس، {قوله في الحياة الدنيا} بلسان مقاله، أو بلسان حاله، والآية في المنافقين. {ويشهد الله على ما في قلبه} يحلف ويقول: الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام، أو يشهد الله بعمله الذي هو خلاف قوله أو اعتقاده بقلبه، {وهو ألد الخصام(204)} شديد الجدال والعداوة [49] للمسلمين. والخصام: المخاصمة، ويشهد عليه بذلك لسان حاله؛ ويشهد عليه بذلك قوله: {وإذا تولى} عنك وذهب بعد إلانة القول، {سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل} الزرع والحيوان، أو إذا كان واليا فعل ما يفعله ولاة السوء، من الفساد في الأرض بإهلاك الحرث والنسل؛ وقيل يظهر الظلم حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر فيهلك الحرث والنسل. {والله لا يحب الفساد(205)}.
{وإذا قيل له اتق الله} في الإفساد والهلاك، {أخذته العزة بالإثم} حملته النخوة وحمية الجاهلية على الإثم الذي ينهى عنه، وألزمته ارتكابه، وأخذته العزة من أجل الإثم الذي في قلبه. {فحسبه جهنم} أي كافيه، {ولبئس المهاد(206)} الفراش.
{ومن الناس من يشري نفسه} يبيعها، {ابتغاء مرضاة الله} لم يكن منه سعي إلا ابتغاء مرضاته، كالعبد المملوك الذي لا يملك شيئا، ماله ونفسه لمولاه ليس لنفسه ولا لهواه منه شيء إلا ما كان من الحق. {والله رءوف بالعباد(207)} الذين شروا أنفسهم لله.
{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم} وهو الاستسلام والطاعة لله، {كافة} لا يخرج أحد منكم بده عن طاعته، أو يدخلوا في الطاعات كلها. {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} وساوسه، {إنه لكم عدو مبين(208)} ظاهر العداوة.
مخ ۱۰۴