تفسير میزان
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
ژانرونه
بحث روائي
في الخصال، والتوحيد، والمعاني، عن شريح بن هاني قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد؟ قال فحمل الناس عليه، فقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟ فقال أمير المؤمنين دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال: (عليه السلام) يا أعرابي إن القول: في أن الله واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على الله تعالى، ووجهان يثبتان فيه فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد فهذا لا يجوز لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنه كفر من قال إنه ثالث ثلاثة؟ وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه وجل ربنا وتعالى عن ذلك، وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبه كذلك ربنا، وقول القائل إنه عز وجل أحدي المعنى يعني به: أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا.
أقول: والوجهان اللذان أثبتهما (عليه السلام) كما ترى منطبق على ما ذكرناه في بيان قوله تعالى وإلهكم إله واحد الآية.
وقد تكرر في الخطب المروية عن علي (عليه السلام) والرضا (عليه السلام) وغيرهما من أئمة أهل البيت: قولهم: إنه واحد لا بالعدد الخطبة، وهو ما مر من معنى صرافة ذاته الآبية عن العدد، وفي دعاء الصحيفة الكاملة: لك وحدانية العدد الدعاء، ويحمل على الملكية أي أنت تملك وحدانية العدد دون الاتصاف فإن العقل والنقل ناهضان على أن وجوده سبحانه صرف لا يتثنى ولا يتكرر بذاته وحقيقته.
وفي الكافي، والاختصاص، وتفسير العياشي، عن الباقر (عليه السلام): في قوله: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا" الآية في حديث قال: هم والله يا جابر أئمة الظلمة وأشياعهم، وفي رواية العياشي: والله يا جابر هم أئمة الظلم وأشياعهم.
أقول: وقد اتضح معناه بما مر من البيان وتعبيره (عليه السلام) بأئمة الظلم لمكان قوله تعالى: ولو يرى الذين ظلموا، فعد التابعين المتخذين للأنداد ظلمة فيكون متبوعوهم أئمة الظلمة وأئمة الظلم.
وفي الكافي، عن الصادق (عليه السلام): في قوله تعالى: كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم الآية، قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل في طاعة الله أو في معصية الله فإن عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له وإن كان عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية؟ الله.
أقول: وروى هذا المعنى العياشي والصدوق والمفيد والطبرسي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) وهو ناظر إلى التوسعة في معنى الأنداد وهو كذلك كما تقدم.
بحث فلسفي
من المعاني الوجدانية التي عندنا معنى نسميه بالحب كما في موارد حب الغذاء وحب النساء وحب المال وحب الجاه وحب العلم، هذه مصاديق خمسة لا نشك في وجودها فينا، ولا نشك أنا نستعمل لفظ الحب فيها بمعنى واحد على سبيل الاشتراك المعنوي دون اللفظي، ولا شك أن المصاديق مختلفة، فهل هو اختلاف نوعي أو غير ذلك.
إذا دققنا النظر في حب ما هو غذاء كالفاكهة مثلا وجدناه محبوبا عندنا لتعلقه بفعل القوة الغاذية، ولو لا فعل هذه القوة وما يحوزه الإنسان بها من الاستكمال البدني لم يكن محبوبا ولا تحقق حب، فالحب بحسب الحقيقة بين القوة الغاذية وبين فعلها، وما تجده عند الفعل من اللذة، ولسنا نعني باللذة لذة الذائقة فإنها من خوادم الغاذية وليست نفسها، بل الرضى الخاص الذي تجده القوة بفعلها، ثم إذا اختبرنا حال حب النساء وجدنا الحب فيها يتعلق بالحقيقة بالوقاع، وتعلقه بهن ثانيا وبالتبع، كما كان حب الغذاء متعلقا بنفس الغذاء ثانيا وبالتبع، والوقاع أثر القوة المودعة في الحيوان، كما كان التغذي كذلك أثرا لقوة فيه، ومن هنا يعلم أن هذين الحبين يرجعان إلى مرجع واحد وهو تعلق وجودي بين هاتين القوتين وبين فعلهما أي كمالهما الفعلي.
مخ ۲۳۷