206

( ونقدس ): التقديس التطهير ونقيضه التنجيس.

* * *

** حوار الله والملائكة

( وإذ قال ربك للملائكة ) في حوار تثقيفي حول الواقع الجديد الذي أراد الله إبداعه في الأرض التي لم يكن لها أي دور في الوجود الحركي آنذاك ، وربما كان للملائكة فيها بعض الدور في مهماتها التي أوكلها الله إليها في النظام الكوني. ( إني جاعل في الأرض خليفة ) يملك العقل ، والإرادة ، وحرية الحركة ، وإمكانات الإبداع ، وتنوع الإنتاج ، لينظم لها حركتها ، وليدبر أوضاعها ، ويصنع فيها مجتمعاتها التي تمتلئ بها ساحاتها ، فيكون الإنسان في الأرض تماما كما الملائكة في السماء ، مع فارق نوعي ، أن الإنسان مخلوق حر بينما الملائكة مجبولون على الطاعة.

( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) من هذا النوع الإنساني الذي يعيش الصراع بين العقل والغريزة في شخصيته ، ويتخزن عناصر النزاع والخلاف ، والرغبة في التدمير ، والأنانية في التملك والتسلط في ذاته ، مما يؤدي إلى الإفساد المادي والمعنوي ، وإلى سفك الدماء ، فتعيش الأرض ، من خلال هذه التعقيدات والاهتزازات ، في جو من الحروب المفسدة والمدمرة للمدر والبشر معا ، مما يبعدها عن السلام الموحي بالخير والمحبة والصفاء ، والمساعد على الحق في روحانية الإيمان ، وحركية التقوى ، والقرب منك ، فيحل محل ذلك الحقد والعداوة والبغضاء والتنازع والتقاطع ، وينفتح الواقع على الباطل في ضراوة الشر ، وقسوة الجريمة ، وقذارة الشعور ، وسقوط العقل.

مخ ۲۱۵