345

تفسير کبير

التفسير الكبير

ژانرونه

" لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار اليهود من الشام، فقال أحدهما لصاحبه حين أبصر المدينة: ما أشبه هذه المدينة بمدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان، فلما دخلا على النبي صلى الله عليه وسلم عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له: أنت محمد؟ قال: " نعم ". قالا: أنت أحمد؟ قال: " أنا محمد وأحمد ". قالا: فإنا نسألك عن شيء فإن أخبرتنا به آمنا بك وصدقناك، قال: " اسألوا ". قالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله تعالى؟ فأنزل الله تعالى على نبيه هذه الآية { شهد الله أنه لا إله إلا هو } إلى آخرها، فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله صلى الله عليه وسلم "

قرأ أبو نهيك وأبو الشعث (شهد الله) بالمد والرفع على معنى: هم شهد الله الذين تقدم ذكرهم. وقرأ المهلب: (شهد الله) بالمد والنصب على المد. والآخرون (شهد الله) على الفعل أي قضاء الله، ويقال: أخبر الله. وقال مجاهد: (حكم الله). قرأ ابن السمؤل: (شهد الله أنه لا إله إلا هو). وقرأ ابن عباس: (إنه لا إله إلا الله) بكسر الألف جعله خبرا مستأنفا، وقال بعضهم بكسره لأن الشهادة قول وما بعد القول مكسور على الحكاية، تقديره: قال الله إنه لا إله إلا الله. قال المفضل: (معنى الشهادة { شهد الله }: الإخبار والإعلام، ومعنى الملائكة والمؤمنين بالإقرار؛ كقوله

شهدنا على أنفسنا

[الأنعام: 130] أي أقررنا).

قوله تعالى: { وأولوا العلم }؛ معناه الأنبياء، وقيل: المهاجرون والأنصار، وقيل: علماء المؤمنين أهل الكتاب: عبدالله بن سلام وأصحابه، وقال الكلبي والسدي: (علماء المؤمنين كلهم، فقرن الله شهادة العلماء بشهادته، لأن العلم صفة الله تعالى العليا ونعمته العظمى، والعلماء أعلام الإسلام والسابقون إلى دار السلام وشرح الأمكنة وحجج الأزمنة].

وعن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ساعة من عالم يتكئ على فراشه، وينظر في علمه خير من عبادة العابدين سبعين عاما "

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" تعلموا العلم، فإن تعليمه لله خشية، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبيل الجنة والنار، وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء. يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة، يقتدى بهم وتقص آثارهم ويقتدى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلاتهم تستغفر لهم، وكل رطب ويابس يستغفر لهم، حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع الأرض وأنعامها، والسماء ونجومها، ألا وإن العلم حياة القلوب عن العماء، ونور الأبصار من الظلمات، يبلغ بالعبد منازل الأحرار ومجالس الملوك، والفكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، وبه يعرف الحلال والحرام، وبه يوصل الأرحام، يلهمه الله السعدى، ويحرمه الأشقياء "

قوله تعالى: { قآئما بالقسط }؛ أي بالعدل، ونصب { قآئما } على الحال من شهد، وقيل: من قوله { لا إله إلا هو } ، ويجوز وقوع الحال المؤكد على الاسم في غير الإشارة، يقول: إنه زيد معروفا؛ وهو الحق مصدقا.

ناپیژندل شوی مخ