199

تفسير کبير

التفسير الكبير

ژانرونه

[2.206]

قوله عز وجل: { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم }؛ أي إذا قيل لها المنافق: احذر عقوبة الله ولا تفسد، أخذته المنعة والحمية والأنفة بسبب الإثم الذي فيه والكفر الذي في قلبه؛ يعني أنه تكبر وقال: أمثلي يقال له: اتق. ويقال: حملته العزة على فعل ما يوجب الإثم.

وقوله تعالى: { فحسبه جهنم }؛ أي كفاه النار في الآخرة عقوبة ونكالا. قوله تعالى: { ولبئس المهاد }؛ أي لبئس القرار النار. والمهاد: الفراش الموطئ للنوم كما يمهد للطفل؛ فلما كان المعذب يلقى في نار جنهم، جعل ذلك مهادا له على معنى: أن جهنم للكافر مكان كالمهاد للمؤمن في الجنة.

ويحكى: أن يهوديا كانت له حاجة إلى هارون الرشيد، فاختلف إلى بابه زمانا فلم يقض حاجته، فوقف يوما على الباب، فخرج هارون وهو يسعى بين يديه، فقال له: اتق الله يا أمير المؤمنين! فنزل هارون عن دابته وخر ساجدا؛ فلما رفع رأسه أمر بحاجته فقضيت. فقيل له: يا أمير المؤمنين، نزلت عن دابتك لقول يهودي؟! قال: لا، ولكن ذكرت قول الله { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم }.

[2.207]

قوله عز وجل: { ومن الناس من يشري نفسه ابتغآء مرضات الله }؛ قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في صهيب بن سنان وعمار بن ياسر وأمه سمية وأبيه ياسر وبلال وخباب بن الأرت وغيرهم، أخذهم المشركون في طريق مكة؛ فعذبوهم، فأما صهيب فقال لهم: أنا شيخ كبير لا يضركم أمنكم كنت أم من عدوكم، أعطيكم جميع مالي ومتاعي وذروني وديني نشتريه منكم بمالي، ففعلوا؛ فأعطاهم ماله وتوجه إلى المدينة. فلما دخل المدينة لقيه أبو بكر فقال: ربح البيع يا صهيب، قال: وبيعك لا يخسر، وما ذاك يا أبا بكر! فأخبره بما نزل فيه؛ وهو قوله: { ومن الناس من يشري نفسه ابتغآء مرضات الله }.

وأما سمية وياسر فقتلا، وكانا أول قتيلين قتلا من المسلمين. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما بمكة:

" اصبروا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة "

وأما الآخرون؛ فإنهم أعطوا على العذاب بعض ما أراد المشركون من كلمة الكفر وسب الإسلام؛ وكانت قلوبهم مطمئنة بالإيمان، فتركوا وقدموا المدينة، وفيهم نزل قوله تعالى:

من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان

ناپیژندل شوی مخ