177

تفسير کبير

التفسير الكبير

ژانرونه

قوله عز وجل: { لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون }؛ أي لتأكلوا طائفة من أموال الناس بالظلم والجور وأنتم تعلمون أنكم مبطلون في دعواكم. قال ابن عباس: (هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة؛ فيجحد المال ويخاصمهم فيه إلى الحكام؛ وهو يعرف أن الحق عليه ويعلم أنه إثم أكل حرام). وقال مجاهد: (معنى الآية: لا تخاصم وأنت ظالم). وقال الحسن: (هو أن يكون للرجل على صاحبه حق؛ فإذا طالبه به دعاه إلى الحاكم؛ فيحلف له ويذهب بحقه). وقال الكلبي: (هو أن يقيم شهادة الزور). وقال شريح لبعض الخصوم: (إني أقضي لك وأنا أظنك ظالما؛ ولا يسعني إلا أن أقضي بما يحضرني من البينة؛ وإن قضائي لا يحل لك حراما).

وعن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إنما أنا بشر مثلكم، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار ".

[2.189]

قوله عز وجل: { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } نزلت هذه الآية في معاذ بن جبل وثعلبة بن غنمة الأنصاريين، سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو رقيقا مثل الخيط، ثم يزداد حتى يمتلئ ويستوي، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ، ولا يكون على حالة واحدة. فأنزل الله تعالى: { يسألونك } يا محمد { عن الأهلة } وعن الحكمة في معناها. وهي جمع هلال مثل رداء وأردية؛ وسمي هلالا لأنه حين يرى يهل الناس بذكر الله. أي يرفعون أصواتهم كما يقال: أهل القوم بالحج؛ إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية.

قوله تعالى: { قل هي مواقيت للناس } أي هي بيان المواقيت التي يحتاج الناس إليها في صومهم وفطرهم وعدة نسائهم وآجال ديونهم ومدة إجاراتهم وحيض الحائض وعدة الحامل وغير ذلك، أخبرهم الله تعالى عن الحكمة في زيادة القمر ونقصانه واختلاف أحواله؛ فلهذا خالف بينه وبين الشمس التي هي دائمة على حال واحد. وقوله: { والحج } أي وبيان وقت حجهم. ولو جعل القمر مدورا كالشمس أبدا لم تعرف المواقيت ولا السنون ولا الشهور.

وقوله عز وجل: { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها }؛ قال المفسرون: كان الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج والعمرة لم يدخل حائطا ولا دارا ولا بيتا من بابه؛ فإن كان من أهل المدر؛ أي البيوت نقب نقبا في ظهر بيته، ويتخذ سلما إليه يدخل منه ويخرج؛ ولا يدخل من الباب. وإن كان من أهل الوبر؛ أي الخيام والفساطيط خرج ودخل من خلف الخيمة والفساطيط؛ ولا يدخل في الباب ولا يخرج منه حتى يحل من إحرامه. ويرون ذلك برا إلا أن يكون الرجل من الحمس وهم: قريش؛ وكنانة؛ وخزاعة؛ وثقيف؛ وجثيم؛ وبنو عامر بن صعصعة؛ وبنو النضر بن معولة؛ سموا حمسا لتشددهم في دينهم وعلى أنفسهم، فإنهم كانوا لا يستظلون أيام منى ولا يسلون السمن ولا يأقطون الأقط. والحماسة الشدة والصلابة، إلا أنهم كانوا مع هذا يدخلون البيوت من أبوابها بخلاف الفريق الأول.

" فلما كان في زمن الحديبية أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة فدخل بستانا من بابه قد خرب وهو محرم، فأتبعه عطية بن عامر السلمي من غير الحمس؛ فدخل معه من الباب وهو محرم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم دخلت من الباب وأنت محرم من غير الحمس؟ " فقال: رأيتك يا رسول الله دخلت الباب وأنت محرم، فدخلت على أثرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا من الحمس " فقال الرجل: إن كنت أحمسيا يا رسول الله فأنا أحمسي؛ لأن ديننا واحد؛ رضيت بهديك وسنتك يا رسول الله "

، فأنزل الله هذه الآية.

وقال الزهري: (كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لا يستظلون بشيء ولا يدخلون البيت كي لا يحول بينهم وبين السماء شيء ما داموا محرمين، حتى كان زمن الحديبية؛

ناپیژندل شوی مخ