وقوله تعالى: { ومآ أوتي موسى }؛ يعني التوراة، { وعيسى }؛ يعني الإنجيل، { وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون }؛ أي لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى، بل نؤمن بجميع أنبياء الله وكتبه؛ فلما نزلت هذه الآية قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود والنصارى وقال:
" إن الله أمرني بهذا "
فلما سمعت اليهود بذكر عيسى أنكروا وكفروا وقالوا: لا نؤمن بعيسى. قالت النصارى: إن عيسى ليس بمنزلة الأنبياء ولكنه ابن الله، فأنزل الله تعالى قوله تعالى: { فإن آمنوا بمثل مآ آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق }؛ أي فإن آمنوا بجميع ما آمنتم به كإيمانكم. قيل: معناه: فإن آمنوا بما آمنتم به.
و(مثل) هنا صلة، وهكذا كانوا يقرأونها. كان يقرؤها ابن عباس ويقول: إقرأوا (فإن آمنوا بما آمنتم به) فليس لله مثل. وقيل: بمعنى (على). وقيل: الباء زائدة. ومعنى الآية: إن آمنوا بالله ورسله وكتبه فقد اهتدوا.
وقوله تعالى: { وإن تولوا } أي وإن أعرضوا عن الإيمان بالقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم { فإنما هم في شقاق } أي خلاف وعداوة، يقال: فلان وفلان تشاقا؛ أي أخذ كل واحد منهم بشق غير شق صاحبه. دليله قوله تعالى حاكيا عن شعيب:
ويقوم لا يجرمنكم شقاقي
[هود: 89] أي خلافي. وقيل: مأخوذ مما أخذ كل واحد فيما يشق على صاحبه. وقال مقاتل: (معناه: فإنما هم في ضلال). وقال الكسائي: (معناه: فإنما هم في خلع الطاعة). وقال الحسن: (معناه: فإنما هم في بعاد وفراق إلى يوم القيامة).
وقيل: لما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: { ومآ أوتي موسى وعيسى } قالت النصارى: لن نؤمن بموسى ولا نؤمن بك، فأنزل الله تعالى:
قل يأهل الكتاب هل تنقمون منآ إلا أن آمنا بالله ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون
[المائدة: 59].
ناپیژندل شوی مخ