Tafsir Ibn Kathir
تفسير ابن كثير
ایډیټر
سامي بن محمد السلامة
خپرندوی
دار طيبة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۲۰ ه.ق
ژانرونه
تفسیر
وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِنْكَارَهُمْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ جُحود وَعِنَادٌ وَتَعَنُّتٌ فِي كُفْرِهِمْ؛ فَإِنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي أَشْعَارِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (١) تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَنِ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ أُنْشِدَ لِبَعْضِ الْجَاهِلِيَّةِ الجُهَّال (٢) أَلَا ضَرَبَتْ تِلْكَ الفتاةُ هَجِينَها ... أَلَا قَضَبَ الرحمنُ رَبى يَمِينَهَا (٣)
وَقَالَ سَلَامَةُ بن جندب الطُّهَوِيُّ:
عَجِلتم عَلَيْنَا عَجْلَتينَا عليكُمُ ... وَمَا يَشَأ الرّحْمَن يَعْقِد ويُطْلِقِ (٤)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عِمَارَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الرَّحْمَنُ: الْفِعْلَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَقَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الْفَاتِحَةِ: ٣] الرَّقِيقُ الرَّفِيقُ بِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْحَمَهُ، وَالْبَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعَنِّفَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدة، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الرَّحْمَنُ اسْمٌ مَمْنُوعٌ (٥) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ [بْنُ] (٦) يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: الرَّحْمَنُ: اسْمٌ لَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ يَنْتَحِلُوهُ، تَسَمَّى بِهِ ﵎ (٧) .
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُقَطِّعُ قُرْآنَهُ حَرْفًا حَرْفًا ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (٨)، فَقَرَأَ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهَا بِقَوْلِهِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وَكُسِرَتِ الْمِيمُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَهُمُ الْجُمْهُورُ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تُقْرَأُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَصِلَةِ الْهَمْزَةِ فَيَقُولُونَ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فَنَقَلُوا حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى الْمِيمِ بَعْدَ تَسْكِينِهَا كَمَا قُرِئَ (٩) قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ﴾ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَمْ تَرِدْ بِهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَنْ أَحَدٍ فِيمَا عَلِمْتُ (١٠) .
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)﴾ .
الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ عَلَى ضَمِّ الدَّالِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿الحمدُ لِله﴾ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ أَنَّهُمَا قَالَا "الحمدَ لِله" بِالنَّصْبِ وَهُوَ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، وَقَرَأَ ابْنُ أبي
(١) في جـ، ط، ب: "في أشعار الجاهلية".
(٢) في جـ، ط: "الجهلاء".
(٣) البيت في تفسير الطبري (١/١٣١) غير منسوب.
(٤) البيت في تفسير الطبري (١/١٣١) .
(٥) تفسير الطبري (١/١٣٤) .
(٦) زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
(٧) تفسير ابن أبي حاتم (١/١٣) .
(٨) رواه أحمد في المسند (٦/٣٠٢) وأبو داود في السنن برقم (٤٠٠١) من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة، ﵂، وصححه ابن خزيمة والدارقطني.
(٩) في أ: "فسر".
(١٠) المحرر الوجيز (١/٥٩، ٦٠) .
1 / 127