166

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

ایډیټر

سامي بن محمد السلامة

خپرندوی

دار طيبة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

۱۴۲۰ ه.ق

ژانرونه

تفسیر
والشيطان فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مُشْتَقٌّ مِنْ شَطَن إِذَا بَعُدَ، فَهُوَ بَعِيدٌ بِطَبْعِهِ عَنْ طِبَاعِ الْبَشَرِ، وَبَعِيدٌ بِفِسْقِهِ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَقِيلَ: مُشْتَقٌّ مِنْ شَاطَ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَارٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كِلَاهُمَا صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الْعَرَبِ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي ذِكْرِ مَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ (١) السَّلَامُ:
أَيُّمَا شاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ ... ثُمَّ يُلْقى فِي السِّجْن وَالْأَغْلَالِ (٢)
فَقَالَ: أَيُّمَا شَاطِنٍ، وَلَمْ يَقُلْ: أَيُّمَا شَائِطٍ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ -وَهُوَ: زِيَادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ ضَبَابِ بْنِ يَرْبُوعَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيان-:
نَأَتْ بِسُعَادٍ عَنْكَ نَوًى شَطُونُ ... فَبَانَتْ والفؤادُ بِهَا رَهِينُ (٣)
يَقُولُ: بَعُدَتْ بِهَا طَرِيقٌ بَعِيدَةٌ.
[وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تَقُولُ: تَشَيْطَنَ فُلَانٌ إِذَا فَعَل فِعْل الشَّيْطَانِ وَلَوْ كَانَ مِنْ شَاطَ لَقَالُوا: تَشَيَّطَ] (٤) . وَالشَّيْطَانُ (٥) مُشْتَقٌّ مِنَ الْبُعْدِ عَلَى (٦) الصَّحِيحِ؛ وَلِهَذَا يُسَمُّونَ كُلَّ مَا (٧) تَمَرَّدَ مِنْ جِنِّيٍّ وَإِنْسِيٍّ وَحَيَوَانٍ شَيْطَانًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الْأَنْعَامِ: ١١٢] . وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ "، فقلت: أو للإنس شَيَاطِينُ؟ قَالَ: " نَعَمْ " (٨) . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ -أَيْضًا-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ (٩) فَقَالَ: " الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ " (١٠) . وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ﵁، رَكِبَ برْذونًا، فَجَعَلَ يتبخْتر به، فجعل لا يَضْرِبُهُ فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا تَبَخْتُرًا، فَنَزَلَ عَنْهُ، وَقَالَ: مَا حَمَلْتُمُونِي (١١) إِلَّا عَلَى شَيْطَانٍ، مَا نَزَلْتُ عَنْهُ حَتَّى أَنْكَرْتُ نَفْسِي. إِسْنَادُهُ (١٢) صَحِيحٌ (١٣) .

(١) في جـ، ب: "﵊".
(٢) البيت في تفسير الطبري (١/١١٢) واللسان، مادة "عكا" ومادة "شطن".
(٣) البيت في تفسير الطبري (١/١١٢) .
(٤) زيادة من جـ، ط.
(٥) في جـ، ط، ب: "فالشيطان".
(٦) في جـ، ط: "وهو".
(٧) في جـ، ط، ب: "من".
(٨) المسند (٥/١٧٨) .
(٩) في جـ، ط، ب، أ، و: "من الأصفر".
(١٠) رواه الطبري في تفسيره (١/١١١) .
(١١) في ب: "ما حملتمون".
(١٢) في ط، ب، أ، و: "إسناد".
(١٣) رواه الطبري في تفسيره (١/١١١) .

1 / 115