Tafsir Ibn Atiyyah
تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ) - ۵۴۱ ه.ق
پوهندوی
عبد السلام عبد الشافي محمد
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٢ هـ
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
هذا أن الممسوخ ينسل، فإن كان أراد هذا فهو ظن منه ﵇ في أمر لا مدخل له في التبليغ، ثم أوحي إليه بعد ذلك أن الممسوخ لا ينسل، ونظير ما قلناه نزوله ﵇ على مياه بدر، وأمره باطراح تذكير النخل، وقد قال ﷺ: «إذا أخبرتكم برأي في أمور الدنيا فإنما أنا بشر» .
وروي عن مجاهد في تفسير هذه الآية أنه إنما مسخت قلوبهم فقط وردّت أفهامهم كأفهام القردة، والأول أقوى، والضمير في «جعلناها»: يحتمل العود على المسخة والعقوبة، ويحتمل على الأمة التي مسخت، ويحتمل على القردة، ويحتمل على القرية إذ معنى الكلام يقتضيها، وقيل يعود على الحيتان، وفي هذا القول بعد.
والنكال: الزجر بالعقاب، والنكل والأنكال: قيود الحديد، فالنكال عقاب ينكل بسببه غير المعاقب عن أن يفعل مثل ذلك الفعل، قال السدي: ما بين يدي المسخة: ما قبلها من ذنوب القوم، وَما خَلْفَها:
لمن يذنب بعدها مثل تلك الذنوب، وهذا قول جيد، وقال غيره: «ما بين يديها» أي من حضرها من الناجين، وَما خَلْفَها أي لمن يجيء بعدها، وقال ابن عباس: لِما بَيْنَ يَدَيْها: أي من بعدهم من الناس ليحذر ويتقي، وَما خَلْفَها: لمن بقي منهم عبرة.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق ﵁: وما أراه يصح عن ابن عباس ﵁، لأن دلالة ما بين اليد ليست كما في القول، وقال ابن عباس أيضا: لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها، أي من القرى، فهذا ترتيب أجرام لا ترتيب في الزمان.
وَمَوْعِظَةً مفعلة من الاتعاظ والازدجار، ولِلْمُتَّقِينَ معناه للذين نهوا ونجوا، وقالت فرقة: معناه لأمة محمد ﷺ، واللفظ يعم كل متق من كل أمة.
وقوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ الآية: إِذْ عطف على ما تقدم، والمراد تذكيرهم بنقض سلفهم للميثاق، وقرأ أبو عمرو «يأمركم» بإسكان الراء، وروي عنه اختلاس الحركة، وقد تقدم القول في مثله في «بارئكم» .
وسبب هذه الآية على ما روي، أن رجلا من بني إسرائيل أسنّ وكان له مال، فاستبطأ ابن أخيه موته، وقيل أخوه، وقيل ابنا عمه، وقيل ورثة كثير غير معينين، فقتله ليرثه وألقاه في سبط آخر غير سبطه، ليأخذ ديته ويلطخهم بدمه، وقيل: كانت بنو إسرائيل في قريتين متجاورتين، فألقاه إلى باب إحدى المدينتين، وهي التي لم يقتل فيها، ثم جعل يطلبه هو وسبطه حتى وجده قتيلا، فتعلق بالسبط أو بسكان المدينة التي وجد القتيل عندها، فأنكروا قتله، فوقع بين بني إسرائيل في ذلك لحاء حتى دخلوا في السلاح، فقال أهل النهي منهم: أنقتل ورسول الله معنا؟ فذهبوا إلى موسى ﵇ فقصوا عليه القصة، وسألوه البيان، فأوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة فيضرب القتيل ببعضها، فيحيى ويخبر بقاتله فقال لهم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً، فكان جوابهم أن قالوا: أَتَتَّخِذُنا هُزُوًا قرأ الجحدري «أيتخذنا» بالياء، على معنى أيتخذنا الله، وقرأ حمزة: «هزؤا» بإسكان الزاي والهمز، وهي لغة، وقرأ عاصم بضم الزاي والهاء والهمز، وقرأ أيضا: دون همز «هزوا»، حكاه أبو علي، وقرأت طائفة من القراء بضم الهاء والزاي والهمزة
1 / 161