وما في نفي التشبيه عن الله بخلقه (1) في الإنجيل ، فكثير بحمد الله غير قليل ، ولو لا كراهتنا للتكثير في (2) الكتاب والتطويل ، لذكرنا إن شاء الله بعض ما فسر في ذلك من الأقاويل.
ثم قوله سبحانه فيما فسر المفسرون من التوراة الذي لا كقول ، والذي هو أصدق الصدق (3) وأفضل الفضول ، إذ قال لموسى صلى الله عليه ، إذ ناجاه في مصيره إليه ، : (يا موسى إني أنا الله)، (4) مرتين اثنتين ، زيادة من الله له في التعريف والتبيين ، (إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب)، (5) تعريفا له من وحدانيته وإلهيته بما ليس في شيء منه شرك لمربوب.
فهل تسمع لله سبحانه أو لأحد من رسله من قول ، في وصف لله تعالى بعرض أو طول؟! بل وصف نفسه جل ثناؤه ، ووصفه رسله وأنبياؤه ، بالوحدانية والقدرة والجلال ، لا بحسن (6) صورة ولا هيئة ولا حلية ولا جمال.
والصورة يا بني فلا تكون أبدا إلا من صانع مصور ، وما في الصورة من أثر التقدير والتدبير فلا يكون إلا من مدبر مقدر ، فسبحان البارئ المصور الذي ليس بمبرو ولا مصور ، والمقدر المدبر الذي ليس بمقدر ولا مدبر!! وتعالى (7) الله رب العالمين ، وأكرم الأكرمين ، عن أن يوصف بصور الآدميين ، أو مشابهة (8) شيء من المخلوقين ، وكيف يكون الخالق في شيء كخلقه ، والمخلوق في شيء ما كان كخالقه؟! فهذا يا بني ما لا يصح في الألباب ، على إله الآلهة ورب الأرباب.
مخ ۶۶۲