تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرونه
{ ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا } اى لا تستبدلوا فان الاشتراء فى أمثال المقام يستعمل بمعنى مطلق الاستبدال والمراد بالثمن القليل الاعراض الدنيوية لانها وان كانت كثيرة فى أنفسها قليلة فى جنب الآخرة، ونزول الآية فى اشراف يهود مدينة وتحريفهم لآيات التوراة لاستبقاء مأكلة كانت لهم على اليهود، وكراهة بطلانها بسبب الاقرار بالنبى (ص) لا ينافى باعتبار التعريض بأمة محمد (ص) عموم الآية وتعميم الآيات المذكورة فيها؛ فان الآيات وكذا سائر كلمات الكتاب لا اختصاص لها بمرتبة خاصة بل لها فى كل مرتبة ومقام مصداق مناسب لتلك المرتبة؛ فالآيات التدوينية نقوش الكتاب الالهى والالفاظ المدلول بها عليها فانها آيات تدوينية باعتبار ان دوالها تدوينية، وهكذا نقوش الاخبار الصادرة عن المعصومين (ع) والصادقين والالفاظ التى هى مدلولاتها، وآيات الآفاق الموجودات الدالة بغرائب خلقتها على حكمة صانعها سواء كانت مادية ارضية او سماوية او غير مادية من البرزخ والمثال والنفوس والعقول، وآيات الانفس شؤن النفوس ووارداتها ومشاهداتها ومكمون الاشياء فيها، وظهورها بها، وغرائب ذلك فى اطوارها، والاعمال التى تظهر منها على الاعضاء فانها آيات دالة على ضمائر النفوس فان كانت بصورة الاعمال الالهية الدالة على ان ضمائر النفوس اوامر ونواه الهية كانت آيات الله ايضا، واشتراء الثمن القليل بالآيات عبارة عن الاعراض عنها من جهة كونها آيات الله سواء أعرض عنها مطلقا او توجه اليها بجهة اخرى فالمصلى اذا كان الداعى له الى الصلاة الامر الالهى من غير التفات منه الى ان فيها قربا او رضى من الله او نجاة من النار او دخولا فى الجنة ومن غير طلب منه لذلك يعنى من غير التفات الى نفسه وصدور العمل منها كان حافظا لآية الله غير مشتر بها ثمنا قليلا، واذا كان الداعى له طلب القرب من الله او طلب رضاه او النجاة من النار او دخول الجنة يعنى اذا التفت الى عمله وطلب له اجرا كان مستبدلا بآية الله ثمنا قليلا، واذا كان الداعى له حفظ صحته او صحة من عليه اهتمام امره او رفع مرض او حفظ مال او تكثير مال او حفظ عرض او بقاء منصب او الوصول الى منصب او الظهور على عدو او غير ذلك من الاغراض المباحة كان مستبدلا بها ثمنا اقل من الاول، واذا كان الداعى غرضا من الاغراض الغير المباحة مثل الرياء والسمعة والصيت ومدح الناس والتحبب اليهم وحفظ المناصب الغير المباحة مثل القضاء والامامة والحكومات الغير الشرعية وجلب المال الغير المباح وادرار السلاطين والحكام وغير ذلك من الاغراض الغير المباحة كان مستبدلا بها عذابا دائما وهكذا سائر الاعمال الشرعية بل الاعمال المباحة فانها الصادرة عن النفس العاقلة، والعاقل فعله ينبغى ان يكون صادرا من مبدء عقلانى وراجعا الى ذلك فاذا لم يكن فعل العاقل قرين غرض عقلانى كان مستبدلا بآية الله اى آية العقل فان العقل آية الله وآية الآية آية ثمنا قليلا، وما ورد فى الآيات والاخبار من المدح على ابتغاء وجه الله او طلب مرضاته او غير ذلك فالمراد الطلب من غير جعل الطلب غرضا ومن غير استشعار بذلك الطلب وقلما تنفك ارباب العمائم واصحاب المناصب والاتباع السواقط من اكثر هذه الاغراض المباحة، واما من ابتلى منهم بالأغراض الغير المباحة فليتعوذ من شره فانه أضر على دين العباد من ابليس وجنوده، وما تداول بينهم من الاجرة على بعض العبادات كالاذان وصلاة ليلة الدفن وتلاوة القرآن وتعليم القرآن، وما تداول بين ارباب المنابر من أخذ الاجرة على ذكرهم المصائب والمراثى ومجالس وعظهم فقد صرحوا بحرمته، وهذا غير الأغراض الكاسدة التى ابتلاهم الله بها، واما الجعالة على فعل الصلاة والصوم المفروضين الفائتين يقينا او ظنا او احتمالا او الغير الصحيحين يقينا او ظنا او احتمالا بنيابة الاموات فقد اشتهر العمل به ونيابة الحج من حى عاجز او قادر او ميت كثر الاخبار بها وأجمعوا على صحتها وعملوا بها لكن لم يبينوا كيف ينبغى ان يكون القصد فيها حتى لا يكون المأخوذ اجرة على العبادة واشتراء بآيات الله ثمنا قليلا، والقاضى اذا اجازه الامام او نائبه للقضاء عموما او خصوصا وجلس فى مجلس القضاء بأمر الامام الذى هو أمر الله ولم يكن الداعى له الى القضاء سوى الامر كان حافظا لآية الله فان القضاء آية الامر به، والامر آية الآمر، والآمر آية الله، وان كان الداعى له التقرب الى الله او الى الامام او طلب رضا كل او الاصلاح بين الناس او رفع الخصومات او احقاق الحقوق او رفع الظلم وحفظ المظلوم او اجراء احكام الله وحدوده او امثال ذلك من الاغراض الصحيحة كان مستبدلا بآية الله ثمنا قليلا، وان كان الداعى له الترأس على العباد والتبسط فى البلاد او التحبب الى الناس او تخويف الخلق او الشرف والحسب او الخدم والحشم او الاعراض الفانية الدنيوية او غير ذلك من الاغراض الكاسدة فهو مستبدل بآية الله عذابا دائما اليما، هذا اذا كان القاضى منصوبا من الامام لذلك او للاعم من ذلك، وان كان غير مأذون فى ذلك فليتدبر فى قوله (ع): هذا مجلس لا يجلس فيه الا نبى او وصى او شقى، وهكذا حال أصحاب الفتيا فانهم فى فتياهم ان لم يكونوا مأذونين او لم يكن الامر داعيا لهم صدق عليهم قوله تعالى:
يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب
[آل عمران: 78] وقوله تعالى:
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
[البقرة: 79] فان المراد بالكتاب كتاب النبوة وأحكامها المستنبطة من الآيات والاخبار فالفتيا وآيات القرآن واخبار المعصومين (ع) هذا الكتاب الذى يلوون ألسنتهم به ويكتبونه بأيديهم فان الانسان ما لم يخرج من أغراضه سواء كانت صحيحة او فاسدة كان ما يجريه على اللسان او يكتبه باليد ملويا بلسانه ومكتوبا بيده لا بلسان مسخر لامر الله ولا بيد آلة لله وان كانت صورته صورة الكتاب وصورة الاحكام الشرعية واخبار المعصومين (ع) لم يكن من الكتاب ولا من الشريعة ولا من المعصومين (ع) فان صورة اللفظ وصورة النقش حرمتها بنية المتكلم والكاتب، الا ترى أن الفقهاء رضوان الله عليهم أفتوا بأن لفظ محمد (ص) ان كتب مرادا به محمد بن عبد الله الرسول الختمى (ص) كان محترما ومسه بدون الطهارة حراما، وان كتب مرادا به غيره لم يكن له حرمة مع ان الصورة فى الكتابتين واحده لا تميز بينهما والفرق ليس الا بنية الكاتب { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } ويلوونه بألسنتهم مما كتبت ايديهم ونطقت به السنتهم { وويل لهم مما يكسبون } ، لكن ما كتب من صورة القرآن ينبغى الاهتمام فى احترامه مراعاة لحفظ صورة الكتاب كما ورد التأكيد فى الاهتمام بما جمعه عثمان من صورة الكتاب وأمثال الآيتين المذكورتين فى حق الشجرة الملعونة وهى بنو امية واحزابهم واتباعهم الى يوم القيامة الذين عاندوا الائمة وشيعتهم فضلا عن الاذن منهم فى كتابة الكتاب والفتيا فى الاحكام ولهذا كان اهتمام الشيعة من الصدر الاول بالاذن والاجازة من المعصومين (ع) او ممن نصبوه لذلك بحيث ما لم يجازوا لذلك لم يتكلموا فى الاحكام ولم يكتبوا منها شيئا، والمدرس فى تدريسه والمتعلم فى تعلمه ان كانا مأمورين بذلك ولم يكن الداعى لهما الا الامر كانا حافظين لآيات الله، والا كانا مستبدلين، سواء كان غرضهما من المباحات او من غير المباحات نظير ارباب القضاء والفتيا، وكذلك الحال فى جملة الاعمال والاحوال عبادة كانت او غيرها فما من احد سوى المخلصين (بفتح اللام) الا وهو مشتر بآيات الله ثمنا قليلا بوجه، أعاذنا الله وجميع المؤمنين منه، وأعظم من ذلك الاشتراء كله أن تقلد نبى العصر او ولى الامر ثم تعرض عنه للاشتغال بما عرضته النفس من اهوائها او تطهر بيت قلبك حتى يدخل فيه ويظهر عليك فى عالمك الصغير صاحب الامر عجل الله فرجه ثم تعرض عنه او يعرض عنك فانك حينئذ تكون اشد حسرة وندامة من كل ذى حسرة وندامة { وإياي فاتقون } لما كان الرهبة فى الاغلب من المحتمل الوقوع والتقوى من المتيقن الوقوع والغفلة عن النعمة وترك الوفاء بالعهد من غير الاعراض والاستهزاء بالمعاهد معه محتمل النقمة، واشتراء الثمن القليل بالآيات التى اصلها واعظمها نبى الوقت او خليفته متيقن النقمة لان شراء سائر الآيات وان كان محتمل النقمة لكنه باعتبار ادائه الى شراء الآية الكبرى متيقن النقمة استعمل الرهبة هناك والتقوى هاهنا.
[2.42]
{ ولا تلبسوا } لا تخلطوا { الحق } الذى هو الايمان والعقائد الدينية والفروع الشرعية المأخوذة من طريق الظاهر بالتعلم والتعليم او من طريق الباطن بالالهام والوجدان او الحق الذى هو ولاية على (ع) او الحق الذى هو أعم من الولاية والعقائد الدينية والفروع الشرعية { بالباطل } الذى هو الكفر وضد العقائد الدينية وضد الفروع الشرعية او الباطل الذى هو ولاية غير على (ع) او الباطل الذى هو أعم، او لا تلبسوا الاعمال الالهية بالأغراض النفسانية، او لا تلبسوا الحق الذى هو نبوة محمد وولاية على (ع) الذى هو ثابت فى كتبكم بتحريفاتكم الباطلة، او الحق الذى هو أوصاف محمد (ص) وعلى (ع) بالباطل الذى أحدثتموه فى كتبكم وهذا هو نزول الآية { وتكتموا الحق } ولا تكتموا الحق او مع ان تكتموا الحق على ان يكون مجزوما بالعطف او منصوبا بان المقدر والمراد بالحق الثانى هو الاول على قانون تكرار المعرفة او غيره والمعنى لا تلبسوا الحق بالباطل لقصد كتمانه او لعدم المبالاة به، او لا تلبسوا الحق الظاهر بالباطل ليشتبه على من ظهر الحق عليه ولا تكتموا الحق الغير الظاهر ليختفى على الناس { وأنتم تعلمون } يعنى وانتم العلماء او وانتم تعلمون الحق ولبسه واخفائه.
[2.43]
{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } قد مضى بيان للصلاة واقامتها وللزكاة وايتائها فى اول السورة { واركعوا مع الراكعين } الركوع فى اللغة وفى العرف العام الانحناء وقد يستعمل فى التذلل مجازا، وفى عرف المتشرعة عبارة عن الانحناء المخصوص الواقع فى الصلاة ويستعمل مجازا فى الصلاة واما فى لسان الشارع فلو سلم ثبوت الحقائق الشرعية لم يعلم نقله الى الانحناء فى الصلاة ولو سلم نقله اليه كثر استعماله فى الخضوع والتذلل ايضا بحيث كان استعماله فى الخضوع غالبا على استعماله فى ركوع الصلاة ولما كانت الصلاة المسنونة فى شريعتنا عبادة جامعة لعبادات سائر الموجودات تكوينا ولعبادات الملائكة ولعبادات مقامات الانسان وشؤنه كان ركوع الصلاة صورة عبادة الملائكة الركع وصورة عبادة الحيوان المنكوس الرأس الى الارض، وصورة عبادة مقامه الذى به اصلاح معاشه وتدبير دنياه بقوله تعالى: { واركعوا مع الراكعين } بعد ذكر الصلاة امر بالجماعات او بالاتفاق مع المسلمين فى عبادتهم وخضوعهم او بموافقة اهل الدنيا فى مرمة المعاش يعنى لا ينبغى لكم ان يكون اقامة الصلاة مانعة عن مرمة معاشكم بل ينبغى ان تكون مقتضية لمرمة المعاش واصلاح الدنيا بحيث تكونوا رجالا لا تلهيكم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة.
[2.44]
ناپیژندل شوی مخ